أوباما الهادئ والحصيف

TT

في الوقت الذي حصلت فيه على إجازة لمدة أسبوع واحد من كتابة هذا العمود، ازداد جنون البورصة، وباتت حروف «إيه آي جي» بمثابة رسالة استغاثة، وصوّت مجلس النواب استجابة للغضب الشعبي المتفجر عبر البلاد لصالح فرض ضريبة بنسبة 90% على مكافآت موظفي «إيه آي جي» الذين منحوا مكافآت، على الرغم من توجه شركتهم إلى وزارة الخزانة والبنك الاحتياطي الفيدرالي لإنقاذها.

لم يكن ذلك ما توقعته، فقد حصلت على إجازة لمتابعة دوري كرة السلة للرجال. ولم أقم بعمل جيد في توقع مجريات هذه البطولة على نحو خاص، لكن العام الماضي كان سيئا جدا بالنسبة لي على نحو خاص، على الرغم من أن الأربعة الأوائل أثبتوا أنهم كانوا ماهرين.

الخبر السيئ أن ذلك لم يكن إلهاءً.. فسر أدائي السيئ في دوري كرة السلة، هو أنني لا يمكنني الحكم على كرة السلة. ففي هذا العام، خسر عشرون فريقا من بين الاثنين والثلاثين الذين اخترتهم في الدور الأول، وقد كانت نتيجة سيئة بقدر الهزيمة التي لقيتها في عام 2008، وكانت 21 ـ 11، والتي يمكن إلقاء اللوم ببعض منها على العاطفة القوية. لقد ذهبت إلى الجامعة الأميركية لأنني أقود داخل الحرم الجامعي كل أسبوع تقريبا، واخترت خمسة فرق «بيغ تن»، لأنهم كانوا المفضلين في صغري، على الرغم من أن الخبراء عبروا عن أن هذا العام لن يتوافر فيه الكثير من الحظ للجميع، عدا ولاية ميتشغان وبوردو.

كان عذري الوحيد هو أن الدولة وضعت وسيلة جديدة لدوري كرة السلة، وهو مصطلح التسويق التليفزيوني للبطولة، وقد اختار الأميركيون هذا العام تقسيم الكلمة، وأعلنوا أن البطولة سيكون موعدها مع موعد التسويق التلفزيوني.

من الطبيعي أن يقوم الأشخاص العقلاء والعاجزون بلعن شركة «إيه آي جي»، كما لو كانوا رم إيمانويل يعنف جون بونر. والأسلوب الذي انتشر من البيت الأبيض إلى الكابيتول هول، ومن ثم إلى البلاد جميعها لمدة قصيرة، يظهر أوباما وكأنه أصابته الحمى، فقد أخبر جاي لينو في برنامج «ذا تونايت شو» أنه صعق من منح شركة «إيه آي جي» الملايين لموظفيها في صورة مكافآت. وقال أوباما مستغربا «مَنْ هذا الشخص العاقل الذي توشك شركته على الانهيار، ويقوم بدفع المكافآت كاملة للموظفين؟!».

بذلك النوع من التشجيع من الرئيس، قام مجلس النواب في الحال بتمرير مسودة قانون غير دستورية تقضي بفرض 90% ضريبة على مكافآت كبار موظفي «إيه آي جي».

ما إنْ أحس أوباما بنية النواب في الكونغرس، حتى بدأ في الإعراب عن فكرته الثانية، ويومًا إثر يوم عندما بدأ أوباما في الظهور الدائم على شاشة التلفزيون، بدأ في خفض حدة تعليقاته.

وعندما عقد مؤتمره الصحافي الثاني، استعاد سمته المميزة من الهدوء. ولم يرد ذكر المكافآت إلا لَمَمًا، لأن أوباما كان مركزا على الصورة الأشمل.. تلك الخطوات التي ستعيد إحياء الاقتصاد في فترة وجيزة، وتغذي النمو المستديم على المدى الطويل.

كان هذا هو أوباما العقلاني، الذي يترفع عن إظهار غضب الاشتراكي، تماما كما فعل على مدار الحملة. كان يجيب على الأسئلة المتعلقة بأبحاث الخلايا الجذعية عندما قال «ليس لدى مصلحة في إحداث جدال»، لكن التعليق يمكن تطبيقه على كل الموضوعات التي وردت على أجندته، ومن ثم توضح السبب وراء حصانته من الغضب الحالي أكثر من أي فرد في واشنطن. وأعتقد أن أوباما الهادئ والحكيم أكثر جدارة بالثقة من ذلك الشخص الذي أثار الغضب الأسبوع قبل الماضي. لسوء الحظ، فقد تركت عواطفي تنساب وأنا أملأ استماراتي، كان من الممكن أن أقوم بالأمر العقلاني وألتفت إلى فرق كرة السلة، وكنت ساعتها سأفوز بانتقال 12 فريقا من 16 إلى عطلة الأسبوع الثاني.

أقسم أن أؤدي بصورة أفضل العام المقبل.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ («الشرق الأوسط»)