كرم زهدي ليس عضواً في نقابة المحامين

TT

«فجر عاشور - يقصد سامح عاشور- مفاجأة بالقول إن كرم زهدي ليس عضواً بنقابة المحامين.. مشيراً إلى أن قانون المحاماة يحظر قيد من صدر ضده حكم جناية». هذا هو مضمون خبر نشر قبل أسابيع في الصحف، وبعدها بفترة ليست طويلة نشر خبر آخر يقول إن كرم زهدي خرج من العناية المركزة بعد إصابته بألم شديد في الصدر وارتفاع بضغط الدم بعد أن علم برفض النقابة قيده في نقابة المحامين.

ما فات خبران مرتبطان، سامح عاشور نقيب المحامين المصريين الحالي والمرشح لمنصب النقيب الجديد، وكرم زهدي هو زعيم الجماعة الإسلامية في مصر، الجماعة الإسلامية هم من قاد العنف في مصر لمدة ثلاثة عقود، وهم أيضاً من قادوا مبادرات وقف العنف طوال العقد الأخير الذي انتهى بمبادرات لوقف العنف من قوى الإسلام السياسي المختلفة في مصر.

استغربت كثيراً من موقف نقيب المحامين من رفض إعادة قيد كرم زهدي في النقابة، وهذا الاستغراب لا ينطلق من أي قاعدة قانونية ـ أستطيع أن أؤكد جهلي بها ـ ولكن ينطلق من قاعدة سياسية وإنسانية ومثل هذه القواعد السياسية والإنسانية ـ التي أظنها ضرورات في بعض الأحيان ـ يمكن أن تكون مبرراً كافياً للتجاوز عن قواعد قانونية، ولا أظن أن قيد كرم زهدي ضمن حوالي 400 ألف آخرين منضمين للنقابة سوف يكون ذلك الخرق العظيم. ولن يكون الإعلان عن عدم القبول بكرم زهدي في النقابة عنصراً فاعلاً أو مؤثراً في المعركة الانتخابية النقابية المقبلة.

الأمر الأكيد أنني أكثر اقترابا سياسياً وفكرياً من الأستاذ سامح عاشور، وأكثر اختلافا سياسياً منذ البداية مع الشيخ كرم زهدي، ولكن هذا لا يمنع من أن تحفظي على هذا الموقف يأتي من خلال منطلقين سياسي وإنساني.

عرفت كرم زهدي منذ فترة طويلة وكان أول لقاء لي به في سجن العقرب منذ حوالي ست سنوات، والتقيته هو وزملاءه أعضاء مجلس شورى الجماعة الإسلامية منذ عام، لأيام وليال كثيرة ورصدت وسجلت معهم تجربتهم كاملة من انطلاق العنف إلى مبادرتهم لوقف العنف.

اقتربت من كرم زهدي وإخوانه وعرفتهم عن قرب، بدأت معهم متشككاً في صدقهم فيما يدلونه من وقف العنف، وانتهيت إلى الاقتناع بحقيقة وصدق تحولهم، ودائماً أتذكر التعبير الذي كان يردده كرم ومن معه «لو استقبلت من أمري ما أدبرت، ما فعلت، بل ومنعت».

كان التساؤل الذي يدور دوماً في ذهني هو كيف للمجتمع أن يتعامل مع جزء من أبنائه أخطأوا في حقه لسنوات ودفعوا الثمن، والآن يرغبون في العودة إلى نسيجه الطبيعي، هل نلفظهم؟ هل ندفعهم بعيداً؟ أم نعمل على عودتهم متجانسين، واقترحت في حوارات مع مهتمين بالشأن العام لو أن جزءا من منظمات المجتمع التي تهتم بالدعوة لحرية المعتقلين وحريات الأفراد في مجتمعاتهم، لو أن جزءا من هذه المنظمات اهتم بتهيئة الأوضاع الحياتية لهؤلاء العائدين إلى المجتمع ليجدوا عملا وسكناً يضمن لهم حياة كريمة، يستوعبهم المجتمع ولا يلفظهم ويدفعهم خارجه.

أعود إلى قصة كرم زهدي مع النقابة وأنقل على لسانه جزءا من هذه الرواية حين يقول:

«لقد تحدثت مع زوجتي كثيراً عن ضرورة دخول نقابة المحامين، وذلك لتأمين مستقبل الأولاد بمعاش مناسب يصون كرامتهم عندما تصارعهم الحياة وحدهم، وكنت قد اشتركت في النقابة قبل ذلك ولكنني لم أجدد اشتراكي بها وقامت النقابة بحذف اسمي من جداولها ولم أكن أعرف ذلك، وكنت أظن أن النقيب يفخر بعدم انتسابي للنقابة هكذا من باب الدعاية الإعلامية لكسب أصوات معينة لتأييده. وكنت أتعجب من هذا الإعلان.. حتى علمت مؤخراً أنهم شطبوا اسمي من النقابة، وكنت لا أفكر في إعادة قيدي بالنقابة حتى ألحت علي زوجتي في هذا الأمر.. وأمام إصرارها جمعت بصعوبة الستة آلاف جنيه التي طلبتها النقابة ثمناً لإعادة القيد. ولما سألت عن مصير الستة آلاف الأولى التي دفعتها من قبل قيل لي لقد ضاع عليك هذا المبلغ فغضبت. فلما ذهبت لدفعه مرة أخرى قيل لي إن المبلغ ارتفع إلى تسعة آلاف جنيه. وعندها شعرت بألم شديد في قلبي وحدث ما حدث.. وكنت ساعتها على كرسي بالرصيف في الشارع لأنني لم أستطع صعود السلم».

كرم زهدي اخطأ في هذا المجتمع ودفع الثمن ومن واجبنا سياسياً وإنسانياً أن يتم استيعابه هو ومن معه، فهم جزء من أبناء هذا المجتمع حتى لو خرجوا عليه لفترة.

[email protected]