سيحكم خمس سنوات أخرى

TT

حكم البلاد السنوات العشر الماضية، وسيحكمها الخمس المقبلة، مع إعلان النتيجة النهائية (90,24%)، المتوقعة أصلا. فهل الجزائر أفضل بعبد العزيز بوتفليقة، أم أنه مجرد حاكم عربي منتخب آخر البقاء في السلطة عملية مضمونة له مهما كانت الوسيلة؟

الحقيقة أن الجزائر في عهد بوتفليقة استقرت أمنيا واقتصاديا وبالطبع سياسيا، وهذه تحسب له كرئيس جاء بالتوافق بين القوى الحاكمة من عسكرية وحزبية مع شيء من الانتخاب. وحتى خصومه لا ينكرون أن بوتفليقة على مستوى الشعب لا يزال ورقة رابحة.

ولو كانت الجزائر ستخسر شيئا باستمرارية بوتفليقة رئيسا فإنها ستخسر نظام الانتخاب الذي لم تحترم قواعده. فالنظام يقول بأن للرئيس أن يحكم فترتين انتخابيتين فقط، لكن بوتفليقة الآن يدخل الفترة الثالثة المحرمة بعد أن تم تعديل الدستور وأجيزت فترة ثالثة. ومع أن بوتفليقة يستحق أن يبقى رئيسا فإن التمديد عمليا كسر مصداقية النظام الذي يحتاج إلى رجل تاريخي ومحترم شعبيا مثل بوتفليقة ليحميه لا أن يرضى بتكسيره. الجزائر في حاجة إلى تأسيس قواعد الحكم بالإصرار على احترامها.

المشكلة الثانية في الساحة السياسية الجزائرية أنها لا تزال تحكم بنفس الحزب القديم الذي لم يتغير تفكيره كثيرا منذ التحرير، حزب «التحرير». والنظام الاشتراكي العالمثالثي لا يزال حيا رغم انسحابات ووفيات الأنظمة المماثلة في أنحاء العالم، فالجزائر من دول العالم القليلة التي بقيت ترفض تحرير السوق مصرة على أن تكون الدولة مهيمنة على معظم مرافق الإنتاج والخدمات، في وقت الدولة نفسها جهاز بيروقراطي ضخم بطيء ومتخلف. يُصدم كثيرون عندما يعلمون أن الجزائر لم تخصص حتى خدماتها الهاتفية، رغم سنوات الوعود بطرحها للاكتتاب لشركات هاتف عالمية وعربية، وذلك نتيجة تراجعات الحكومة عن وعودها. فالجزائر بلد نفطيّ وغازيّ غني ومستقرّ اقتصاديا، لكنه ليس مزدهرا مقارنة بمداخيله الهائلة. وهذه نتيجة طبيعية لنهج الإدارة الحكومية التقليدي، والمركزية الموروثة عن الفكر الاشتراكي. وأهمية الموضوع الاقتصادي للجزائري يكمن في كونه العلة البارزة المتبقية بعد نجاح الدولة في تحجيم الإرهاب طوال العشر السنوات الماضية. وهنا في شأن كبح الإرهاب لشخصية بوتفليقة دور مؤثر، حيث يرى فيه المواطن الجزائري رمزا وصاحب تاريخ سياسي لا يستطيع المتطرفون المزايدة عليه. فهو وكثيرون من قدماء الساسة في بلد المليون شهيد، لا يزال هاجس الاستعمار الفرنسي حاضرا في أذهانهم حتى بعد نحو نصف قرن من الاستقلال.

[email protected]