إنجاز مبهر

TT

بعد سويعات قليلة من الإعلان عن كشف خلية إرهابية تختبئ في الكهوف بين الحدود اليمنية والسعودية تنتمي إلى تنظيم القاعدة الإرهابي، كنت في مجلس وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز وهو يتحدث في أمور إدارية مختلفة ويبدي آراء ووجهات نظر مهمة في أمور إدارية وتنموية مختلفة ومهمة. هناك جزئية أساسية مهمة في حديث الأمير نايف عن الإرهاب وتحدياته وتحديدا هي نبرة الثقة المطمئنة في صوته ومفرداته، فاليوم السعودية ومن خلال حربها ومواجهتها الاستثنائية ضد الإرهاب باتت «مدرسة» في التعاطي مع هذا التحدي، وكونت مرجعية أمنية وفكرية للتعاطي مع هذا «السرطان» الخطير. وفي قلب «مطبخ» المواجهة يأتي دور الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية.

كنت في إحدى المؤتمرات التي كانت تناقش التحديات والمخاطر الأمنية على صعيد العالم، ومن ضمن ما كان مطروحا موضوع التطرف والإرهاب، ومن خلال إحدى الجلسات الفرعية في إحدى استراحات فقرات المؤتمر التقيت بمسئول أمني تنفيذي بريطاني كبير متقاعد، وتطرق بحديثه معي إلى إعجابه الشديد «بمنهجية» الأمير محمد بن نايف في التعاطي مع التحدي غير المسبوق وتفريقه ما بين المواجهة الأمنية العسكرية وما بين المواجهة الفكرية، والتي أعدت لكليهما العدة الاستثنائية من مواد وبنى تأسيسية ودواعم بشرية استثنائية، بنى الأمير محمد بن نايف جسورا من الثقة المتينة بينه وبين كوادر وزارة الداخلية التنفيذية ومع الناس عامة والقطاع الإعلامي أيضا، أسس نهجا قويا للمشاركة الشعبية في الشأن الأمني وتفاعل المجتمع مع «شهداء الواجب» الذين سقطوا في مواجهات الإرهاب الدامية حتى تحول هذا النهج إلى ما يطلق عليه مسمى حالة دراسة أو Case Study يستفاد من نتائجه، وهو ما يقوم بالاطلاع عليه بتمعن أكثر من جهاز أمني في دول مختلفة في العالم اليوم.

التعامل مع الإرهاب وهو التحدي الذي تواجهه قوى الأمن السعودية اليوم هو تحدٍ غير تقليدي، فالجيوش حين تحشد قواها لمواجهة عدو على حدودها تعرف نوع الخطر الذي تواجهه وبالتالي تستطيع مواجهته والتعاطي معه، أما الإرهاب فهو عدو «مجهول» وغامض يتطلب التقصي المعلوماتي غير العادي والانتشار الرأسي والأفقي على الأرض وفي الفضاء الافتراضي الإلكتروني المليء بالغث والخطر.

هناك «فرحة» شعبية عامة بين السعوديين لا يمكن إغفالها ولا إنكارها تحققت مع متابعة نتائج النجاحات المهمة والمبهرة، وهذه الفرحة تترجم بالتدريج إلى فخر واعتزاز بكوادر الأمن العام ومنهجيته، حتى أن البعض شبهها بتشبيه طريف ولكنه مليء بالرمزية والمعنى البليغ، شبهت بانتصارات المنتخب السعودي لكرة القدم والفرحة التي تصاحبها. مما يعني أن هذه النجاحات الأمنية ساهمت بشكل ملموس برفع روح المواطنة والانتماء لدى الناس. وحدة مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية السعودية باتت نموذجا مهما للإدارة الفعالة وكفاءة تحقيق النتائج، وهي قصة جميلة تستحق أن تروى وتدون وتوثق بشكل موسع لما فيها من معان بليغة عن القدرة والقيادة والعمل الجماعي والكفاح لأجل هدف أسمى وأهم. أجيال السعودية الجديدة من الشباب بحاجة للاطلاع عن كثب وبواقعية على هذه التجربة المهمة والمبهرة لأنها ستكون أحد أهم الدوافع والعناصر والأدوات لتقوية روح الانتماء وتعزيزها بشكل قوي ومؤثر وفوري، والبلاد بحاجة ماسة لتزكية هذه الروح أمام تيارات الظلام والجهل والانغلاق. اعتقال الخلية الإرهابية الجديدة على الحدود اليمنية ه و إنجاز مبهر جديد لقوى الأمن السعودية يحسب لهم، وكل الأمل والمطلوب توسيع قاعدة الاطلاع والمشاركة على هذه الإنجازات لتعم المنفعة.

[email protected]