ساخن في الشتاء.. وبارد في الصيف!

TT

اتصل بي تلفونياً يريد مقابلتي على وجه السرعة.

سألته متى تذكرتني حتى تتصل بي الآن، لقد مضى عليك الآن ما لا يقل عن ثلاثة أعوام ولم تكلف نفسك حتى برفع سماعة التلفون.

قال: اترك العتاب جانباً، فلا يلجأ لهذا الأسلوب إلاّ الفاشلون، وأنا أتوسم فيك الألمعية لهذا تذكرتك من أول ما وصلت المطار.

- ما شاء الله أكل هذا الوقت وأنت مسافر؟!.

- نعم، إنني أبحث عن الوكالات التجارية، هل تصدق أنني في هذه السنة وحدها حضرت ما لا يقل عن (80 معرضاً) في قارات العالم الست.

- ألم تتعب من هذا التنقل والدوران، ألم يلف بك رأسك؟!.

- بل بالعكس، أصبحت لا أطيق المكوث في أي بلد أكثر من أسبوع، إلى درجة أن جواز سفري أبدله في كل سنة عدّة مرات من كثرة التأشيرات وأختام الدخول والخروج.

- طيب إلى متى وأنت سوف تستمر على هذا المنوال؟!، ألم تفكر في تكوين بيت، ألم يخطر على بالك الزواج والعيال؟!.

- آخر شيء أفكر فيه هذا، فالحياة العصرية تتطلب المرونة و(الديناميكية)، ولو أنني تورطت بالبيت والزوجة والعيال، فقل على طموحي السلام؛ لأنني سوف أتكبّل وأتقيّد وأغرق في مصاريف أنا في غنى عنها، وأتحمل مسؤوليات وواجبات ثقيلة لا أجني من ورائها غير المشقة والنكد، وهذا ما لاحظته على الكثير من أصدقائي ومعارفي، الذين يحسدونني على ما أتمتع به من انطلاق وحرية رغم أنهم أجبن من أن يصرحوا بذلك.

- هذه هي وجهة نظرك التي أحترمها ولا أعارضك عليها طالما أنك مقتنع بها، غير أن للبعض وجهات نظر أخرى تعارض وجهتك وتدحضها بالبراهين المقنعة، ولكن دعنا من كل هذا فقد تشعب بنا الحديث ونسينا (الهدف) من اتصالك بي، على أية حال (الله يحييك) شرف أنا موجود في منزلي وأنت تعرفه.

وفعلا، ما هي إلا نصف ساعة وإذا به يدخل علي متأبطاً مجموعة من (الكتالوجات).. وأول ما جلس وإذا به يقول لي: لقد اصطفيتك أنت بالذات لمعزتك عندي بهذا الاختراع الياباني المذهل، فإن أردت أن تشاركني بأخذ وكالته فعلى الرحب والسعة، وإن كان لا، فاشتري واحداً منه وجربه، وإنني متأكد أنك لن تنساني، سألته ما هو هذا الاختراع المذهل؟!، قال لي وهو يمد لي صورته: إنه (المرحاض الذكي)، أجبته قائلا: يا فتّاح يا عليم، واستمر قائلا: إنه عالي التقنية، ويؤمن فحصاً صحياً مباشراً، فبعد زيارة سريعة منك إلى الحمام صباحاً، ما عليك إلا أن تضغط زراً ليتدفق الماء كالعادة ويندفع دائرياً على الجوانب، فتتولى أجهزة تحسس إلكترونية قياس معدلات السكر والبروتين وكريات الدم البيضاء والحمراء، وبعد خمس دقائق تظهر النتائج أمامك على الشاشة، وهناك جهاز خاص مثبت فيه تضع إصبعك في فتحة منه فيقيس نبضك وضغط دمك ودرجة حرارتك.

كما أن ذلك المرحاض يشنف أذنك بقطعة موسيقية أول ما تجلس عليه، ويودعك بأخرى أول ما تنهض، ومن مزاياه أنه يكون ساخناً في الشتاء ليريح أعصابك، وبارداً في الصيف ليبعث فيك الحيوية، وسعره لا يزيد على (7000 دولار).

لا أريد أن أطيل عليكم، المهم أنني ودعته ويدي على خشمي.

[email protected]