فتيات في قبضة القراصنة!

TT

تدهشني كثرة أخبار قضايا الابتزاز التي تنشرها الصحف، فهذا النبت الشيطاني من الجرائم لم يكن يطفو على السطح بهذا المستوى من الكثافة، التي نشهدها هذه الأيام، حيث لا تكاد تمر بضعة أيام إلا ونطالع خبرا يشير إلى أن هيئة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر تمكنت من القبض على شاب يبتز فتاة، ويهددها بنشر صورها الخاصة على الإنترنت، فلقد غدت هذه الوسيلة الحضارية «الإنترنت» ساحة مسكونة بالقراصنة، الذين يصطادون الفتيات السذج عبر التودد، وتمثيل أدوار الحب، حتى تتورط الضحية، وتقع في أحابيلهم، وفي تلك اللحظة يسقطون الأقنعة عن وجوههم، ويبدأون في إحكام السيطرة على الضحية واستغلالها.

وسيكولوجية المبتز سيكولوجية شديدة التعقيد، تتسم بالعتمة، والغلظة، والتوحش، والتبلد، وليس بمقدور أحد تصور مدى قسوة هؤلاء إلا الذين اكتووا بنارهم وعانوا من ويلاتهم وخضعوا لمطالبهم وتهديداتهم، فهم يحولون حياة ضحاياهم إلى شقاء لا يطاق، وعذاب لا ينتهي. ورغم كثرة أخبار القبض على المبتزين، إلا أن الصحافة لا تبذل نفس القدر من الاهتمام في نشر الأحكام التي تصدر في حقهم، لكي تكون رادعا لمن تسول له نفسه السقوط في مستنقع هذه الجريمة النكراء.

وانتشار هذا النوع من الجرائم على هذا النحو الذي تنشره الصحف يكشف عن خلل تربوي يعاني منه بعض شبابنا في علاقتهم بالجنس الآخر، ولا يكفي الدور اليتيم الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف، والمتمثل في ملاحقة هؤلاء، والقبض عليهم، إذ إن أدوارا أساسية أخرى لا بد أن تتضافر مع الدور الذي تقوم به الهيئة، فالمدرسة والبيت يفترض أن تكون لهما أدوار أساسية احترازية، ووقائية في توعية الفتيات، وتعميق إدراكهن بأساليب قراصنة «الإنترنت»، وحيلهم، وألاعيبهم، وكذلك إرشاد الفتيان إلى الأخطاء السلوكية التي يقع فيها بعضهم، والارتقاء بصورة المرأة في دواخلهم كأم وأخت وزوجة.

ويبقى القول إن الإنترنت كغيرها من الوسائل، التي يمكن أن توظف في الخير أو الشر، ومما يؤسف له أن نسبة من شبابنا تقف في تعاملاتها مع هذا الاختراع البشري العظيم عند تخوم الجانب السلبي، فهي لا تتجاوز مواقع الدردشة، والتجاذب مع الأشباح، وقد يرى البعض أن هذا هو كل عالم الإنترنت، وأقصى مقاصده، وأهدافه، وغاياته.

فمن يأخذ بيد هؤلاء إلى عوالم النور داخل هذه الشبكة الساحرة؟

[email protected]