«فهمي» غير فهمك!

TT

كتب السيد فهمي هويدي مقالا في صحيفة تصدر من قطر منتقدا فيه عنوانا نشر بصحيفتنا، حيث اعتبره مؤشرا على مرحلة جديدة في التعامل الإعلامي مع «المقاومة»، وخلص إلى أن العنوان لا يصدر من بوق إعلامي إسرائيلي، فكيف من منبر إعلامي عربي.

والعنوان الذي كدر صفو السيد فهمي هو المنشور في عدد الجمعة 10 أبريل 2009 كالتالي: (شقيق المتهم بتنظيم حزب الله في مصر: كلنا يعرف أنه يؤيد المقاومة). وملخص انتقاد السيد هويدي أنه لا يرى خبرا في العنوان، ويتساءل هل باتت «المقاومة» شبهة؟

من ناحية صحافية، فإن إقرار شقيق المتهم بأن أخاه يؤيد «المقاومة»، فيه استدلال على تأييد أو انتماء المتهم لحزب الله، في وقت كان هناك تساؤلات أو جدل حول هو هل المتهم منتم لحزب الله أم لا؟ ولم يكن نصر الله قد أدلى وقتها بكلمته المتلفزة التي اعترف فيها بانتماء سامي شهاب للحزب.

وبالتالي فإن العنوان مستحق صحافيا، خصوصا أنه ليس للعناوين هوية، أو دين، أو آيدولوجية، ففي الصحافة المبنية على أخلاقيات وعلم، لا صحافة الفهلوة والأدلجة، فإن للصحيفة حق التشويق، والمباشرة، والتفسير في طرح العناوين، وبالطبع ليس التضليل من أجل «المقاومة»!

لكن سياسيا، وهذا مغزى ما أشار إليه السيد هويدي وآخرون من محترفي الطعن والتخوين، فالسؤال هو عن أي مقاومة نتحدث، وأين، وكيف، ومتى؟ فعندما يرسل بن نصر الله خلاياه إلى مصر فتلك ليست مقاومة. بل إن التوصيف الدقيق لذلك هو أن حزب الله انتهك سيادة دولة مستقلة بحكومتها وقوانينها وأنظمتها، إلا إذا كان البعض لا يؤمن بالدولة المصرية، أو الدول العربية ككل؟

ولأن التخوين سلاح من لا يملك المنطق أو الحجة، فدعونا نستعرض الحقائق التي يتم تناسيها، وإغفالها. فأين السيد هويدي، وغيره، يوم خرج نصر الله في 28 ديسمبر 2008 معلنا أن لا علم له بصواريخ الكاتيوشا بجنوب لبنان، وقال يومها إن البعض يريد توريط الحزب بمواجهة مع إسرائيل، فلماذا لم يُقَلْ له وقتها إن «المقاومة» ليست ورطة، خصوصا أن الإسرائيليين كانوا وقتها يدكون غزة من كل اتجاه؟

وأين حماة «المقاومة» عندما نهى المرشد الإيراني مواطنيه من القتال بغزة، فلماذا لم يُقَلْ وقتها إن ذلك تخاذل عن دعم «المقاومة» وإن إغلاق الحدود ليس عذرا، لأن هناك جنوب لبنان، وهناك الجولان؟

والأمثلة لا تنتهي، فلماذا صمتوا يوم قام حزب الله باعتقال النائب الاشتراكي الفرنسي بالضاحية الجنوبية بذريعة الأمن، علما أن حزب الله ليس الدولة اللبنانية، فلماذا يستكثرون اليوم على القاهرة حماية سيادتها وحدودها؟

وأين هم اليوم من اعتقال إيران لصحافية أميركية من أصل إيراني بتهمة التجسس، وهي امرأة واحدة وليست خلية نائمة، فلماذا لم يُقَلْ إن طهران تبالغ، بل لماذا لم يتم الدفاع عن حرية الصحافي والصحافة؟ أم أن السيادة حق لإيران وحدها، لا لدولنا العربية؟

ولذلك أقول إن «فهمي» غير فهمك!

[email protected]