نياسين العرب

TT

أصبحت الكتابة عن 13 نيسان اللبناني مثل الكتابة عن 5 حزيران العربي مثل الكتابة عن حرب العراق الماجدة ثم الناشمة مثل الكتابة عن وعد بالفور (لمن يتذكر) مثل الكتابة عن انفراط الوحدة المصرية ـ السورية، أو ما عرف بـ«الانفصال»، مثل الكتابة عن سائر المواعيد التاريخية التي يتذكر فيها العرب ـ أو هي تذكرهم ـ بهزائمهم وحروبهم وانفصالاتهم، من سورية ومصر، إلى لبنانين تحولا إلى عشرين لبنانا، إلى فلسطينيين، والبقية آتية، وبلاد العرب أوطاني.

آسف، لا أستطيع الاحتفال بذكرى 13 نيسان في لبنان، لأنه لم ينتهِ بعد. في قلب كل سياسي لبناني (ومن معه من عرب وعجم) 13 نيسان قائم، لم يتغير أحد ولم يتغير شيء، لا دولة قامت ولا واحدة عادت، ولا حكومة برأس واحدة، ولا جيش يأمن الخروج إلى الطرقات دون أن يعتدي عليه لص أو مهرّب أو مجموعة لصوص وزعران ومهربين.

كنا نتمنى أن نعرض لجنابكم ما حدث في 13 نيسان 1975، لكننا نعتذر، فقد داهمنا 13 نيسان 2009. التحسن الوحيد الذي طرأ على صحة المريض الأزلي هو ما لاحظه كاتب في «ملحق النهار»: لقد انتهى عهد إميل لحود، ولو كان من الصعب أن نلاحظ ذلك.

فواز طرابلسي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ـ اللبنانية، مؤرخ ومفكر مشهود. وقد جاء إلى التاريخ من عند جده لأمه عيسى إسكندر المعلوف، أول مؤرخ لبناني «رسمي». وجاء إلى السياسة من أقصى اليسار، من «منظمة العمل الشيوعي» التي كان يتزعمها محسن إبراهيم (أبو خالد، للأصدقاء). وجاءت حرب وراح يسار وبقي محسن إبراهيم من أعز أصدقائي. كنا نلتقي في فلسطين ونختلف في لبنان، وأصبحنا نلتقي في لبنان ونحزن على فلسطين ونبلغ ذلك معا، عبر الهاتف، للرئيس محمود عباس. أما الأستاذ طرابلسي فقد اعتبرني من دعاة الرجعية الإمبريالية وأذناب الاستعمار ودعاة الرأسمالية ومزابل التاريخ، وجعل علاقته معي على هذا الأساس. إذا التقينا حيا سريعا ومضى مسرعا لكي لا يداهم بالجرم الموصوف. لمناسبة 13 نيسان اقرأ الطبعة الثانية من كتاب فواز «تاريخ لبنان الحديث» الصادر عن «دار رياض الريس للنشر». عمل جميل ورؤية ذكية ومراجعة بارعة للأحداث. توقفت عند الفصل الذي يروي فيه كيف كان العقيد ميشال عون (العماد حاليا) الداعية الأول لمشروع بشير الجميل. كيفك فواز؟