بجلاجل!

TT

متردد كثيرا في التعليق على ما حدث أخيرا بمصر، والتي أعلنت أجهزتها الأمنية عن اعتقال «خلية» لحزب الله اللبناني كانت تستعد للقيام بعمليات عسكرية مسلحة وتمكنت من تجنيد العشرات في صفوفها يقودها شاب لبناني عضو رسمي في الحزب اللبناني. والحقيقة لم أكن أرغب في المشاركة في مهرجان الركل والرفس الحاصل الآن بحق الحزب، ولكن من الواضح أن الحزب تحول بعد مواجهته مع إسرائيل في عام 2006 إلى «كيس ملاكمة» بسبب تصرفات وسياسات قصيرة النظر أكسبته عداءات الناس من شتى الخلفيات والأماكن وأفقدته مكاسب شعبية مهمة حصدها عبر سنوات طويلة من العمل والكفاح. ومن الصعب «هضم» تبرير حزب الله وأمينه العام بأنهم «دخلوا» مصر لمساندة الفلسطينيين بهذه البساطة، لأن هناك أسئلة يفرضها المنطق ويصيح بها العقل تفرض أن يكون هناك تفاسير أخرى لما حدث. لماذا لم يدخل حزب الله لفلسطين من حدوده اللبنانية؟ أو هناك السؤال الآخر الذي لن يكون له إجابة طبعا، ولكن من الضروري أن يسأل: «لماذا لم يدخل الحزب بعتاده وجنده لنجدة الفلسطينيين عن طريق الحدود السورية مع هضبة الجولان المحتلة؟ مجرد أسئلة بريئة جدا، وعلى «الشاطر» أن يجيبها.

لأن حدود لبنان وسورية على بعد أمتار قليلة من مقرات الحزب في الجنوب والبقاع اللبناني وهي من الناحية «اللوجستية» أقرب وأكثر فعالية من نقل العدة والعتاد إلى السودان وتهريبها إلى مصر ونقلها من الصعيد حتى الشمال وبعدها إلى شبه جزيرة سيناء ومن ثم محاولة إدخالها عن طريق رفح لغزة. لم يعدا سرا العلاقة الغريبة بين «حزب الله» ونظام إيران، فهما تَحوّلا إلى توأم سيامي متصل بالرأس لا يمكن فصله أبدا. وإذا كان الهم الأساسي لنظام إيران هو تصدير الثورة فحزب الله تحول في المنطقة إلى الوكيل الحصري لتلك البضاعة ومسؤول الترويج الأول عنها، ولكنها تحولت إلى بضاعة رديئة وغير قابلة للقبول أبدا، كمّ التجاوزات من إيران محزن وهو بهذه التصرفات يصرف النظر عن الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ دولة إسرائيل العدوانية والتي يجب على الجميع مراقبة أدائها والحرص من توجهاتها والتي قد تستغل الوضع المضطرب البيني لارتكاب المزيد من التجاوزات والاعتداءات. حزب الله تعود على عدم احترام سيادة الدولة في بلاده وبات يعتقد أن الأنظمة العربية كلها هي بهشاشة النظام اللبناني، وعليه فهو حاول في الخليج وبعض دوله، والآن في مصر، وبحراكه الغريب داخل مصر يذكر الكثيرين بمرارة مصر في حلقوم الثورة الإيرانية، والتي لم تستسغ مصر منذ وصول الخميني للحكم، فهي لم تغفر للسادات احتضانه لشاه إيران في آخر أيامه واستمرت في رفع درجة العداء بالتدريج تجاه مصر على أكثر من صعيد، فتارة عن طريق تصريحات «طائشة» أو أفلام «غير مسؤولة»، وغير ذلك من الرصاص الذي إن لم يكن «سيصيب» فهو حتما «سيدوش». وهذا هو الحال المكشوف والمفضوح لحركة سياسية نضالية ومقاومة تحولت بالتدريج إلى حركة غريبة وغير مفهومة تحركها أهواء بازار السياسة الإيرانية. حزب الله مستمر في خسائره الشعبية، ولعل المشهد الأخير له في مصر يؤكد أن الفضيحة السياسية له تحولت إلى فضيحة بجلاجل.

[email protected]