لا أريد أن أتعب حالي

TT

بعد أن دفعت الحساب عند «الكاشير» وحملت الأكياس البلاستيكية لمشترياتي، بادرتني المرأة التي دفعت لها الثمن بكلمات لم أتبينها، فطلبت منها أن تعيد كلماتها، عند ذلك أخذت تهز يدها أمام وجهي بانفعال وخاطبتني بحدّة: «قلت لك نهارك سعيد، هل أنت (أصنج)؟!»، فقلت لها: «هدئي أعصابك الله يرضى عليك فإنني لم أفهم»، وإذا بها تترك كل من وقفوا «بالطابور» ليدفعوا مشترياتهم، والتفتت بكامل وجهها وجسمها الضخم ناحيتي وقالت بأعلى صوتها: «وكمان تقل أدبك؟!، لا أحسن تعال اضربني (!!)»، فقلت بيني وبين نفسي: «لا حول ولا قوة إلاّ بالله، وبعدين مع هذه المرأة (الأفعى)؟!»، ولا أكذب عليكم أن أسناني أخذت تتضرس عليها، وكفوفي أخذت تحكّني، غير أنني استخرت، ونكست رأسي واستدرت خارجا، وإذا بصوتها المزعج يلاحقني وهي تقول: «أما رجال آخر زمن، (تف)!!»، ولم أنم تلك الليلة لأنني عجزت عن تفسير كلمة «تف» التي رمتني بها تلك المرأة، وبحكم أنني «صبي» طيب فقد سامحتها حتى لو كانت سيئة، أما إذا كانت الكلمة طيبة فإنني أقول لها أمام الجميع شكرا، وألف شكر.

* * *

سألت طفلة سؤالا ساذجا، ماذا تحب في مدرستها، فأعجبت بإجابتها الصادقة عندما قالت لي: «أحب أربعة أشياء: حصة الألعاب، وعطلة آخر الأسبوع، والإجازة السنوية، وآخر يوم في الدراسة»، والواقع أنني عندما سمعت كلماتها تذكرت أيام طفولتي، وحمدت الله أنه لم يعد عندي مدرسة، ولا حل واجبات، ولا «اصحا يا واد» الشمس طلعت.

* * *

حقا لو كنا نحب العمل مثلما قال أحدهم، لكنا لا نزال نحرث الأرض بالفؤوس، وننقل السلع على ظهورنا.. ولا بد أن أعترف لكم أنني أستصعب ضغطة زر «الأسانسير» للصعود إلى الأعلى، وغالبا ما أصحب أحدا ليضغطه بالنيابة عني، وأرهق جدا من الإمساك بـ«الريموت كنترول» لتغيير قنوات التلفزيون، وأكره ما أكره حمل ثوبي أو قميصي على أكتافي.

ولا أنكر أنني معجب بالشاعر القائل: لعل الله يأتيني بليلى، ويسدحها ويلقيني (بعيدا عنها).. إنني بصراحة لا أريد أن أتعب حالي بتاتا، حتى في جهنم أو جنّات النعيم.

[email protected]