في تحقيق عن ترام الإسكندرية شرحت زميلة صحافية أن المدينة المشار إليها هي تلك الواقعة «220 كلم شمال غربي القاهرة». ما أحلى الدقة يا زميلة. ما أجمل علوم الجغرافيا. ما أروع علوم المسّاحين والطوبوغرافيا. يا سلام على شمال غربي القاهرة. ولكن لماذا لم تتكرمي علينا وتشرحي بأن الإسكندرية هذه تقع على البحر المتوسط. وأنها المدينة التي بناها الإسكندر. وأنها مدينة كليوباترة. وأنها المدينة التي اكتشف فيها إقليدس قياس الوقت. وأنها مدينة المكتبة المعروفة باسمها.
هل يقال عن أقدم مدينة في مصر إنها على 220 كلم شمال غرب (وليس غربي) القاهرة؟ ماذا نفعل يا زميلة بالفولكلور المصري المليء اسكندرانيين واسكندريات و«يا بنات اسكندرية عشقكم حرام»؟ ونقول إيه لأصحاب الروايات والحكايات والأفلام التي تدور في اسكندرية؟ وكيف نعتذر من المصريين الذين كان كل مجدهم أنهم يمضون الصيف في العجمي؟ ونعمل إيه بالاستراحات الملكية والرئاسية؟ وازاي نقول إن أول قمة عربية حديثة عقدت في الإسكندرية ما بين شطين وميّه؟ ونروح لمين لكي نقول إن «الأهرام» تأسست في اسكندرية برخصة جورنال «لا يحق له نشر الأخبار السياسية»؟ إيه حكاية شمال غرب القاهرة دي؟ مش الملك فاروق سافر من اسكندرية دي الواقعة على 220 كيلو من القاهرة؟ امال لما نِكتب عن ترام طنطا ودمنهور والإسماعيلية، نقول إيه؟ نقول، مثلاً، «من أعمال مصر»؟ أو على خط العرض؟ أو في البلد الذي عاصمته القاهرة؟
تصور، للدقة، أن تعرف أحمد شوقي بأنه والد الأستاذ - مثلاً - يوسف شوقي. أو أنه الشاعر المعاصر لخليل مطران. أو أن فاتن حمامة هي الزوجة الأولى لعز الدين ذو الفقار، وروز اليوسف زوجة زكي طليمات. طيب يا ستي القاهرة أم الدنيا ومدينة فريق الأهلي وتقع شمال غرب جنوب هرم خوفو ومقر مقهى الفيشاوي وعلى شمال الأزبكية. هل معقول حقاً التعريف بالأعلام إلى هذه الدرجة؟ ألم يكن من الضروري القول أيضاً إن الوصول إلى الإسكندرية يتم على الطريق الصحراوي، 220 كيلو شمال غرب الدقي؟