خطة إنقاذ مع توضيح «مقايضة الائتمان الافتراضي»

TT

«يجوز للطرفين في مقابل معاملتين أو أكثر اختيار دفع مبلغ صاف يتم تحديده في مقابل جميع المبالغ مستحقة الدفع في التاريخ نفسه بالعملة نفسها مقابل هذه المعاملات، بغض النظر عما إذا كانت هذه المبالغ يمكن دفعها مقابل المعاملة نفسها».

هل استوعبت هذه العبارة؟ إنها جملة تم اختيارها ـ بصورة عشوائية تقريبا ـ من أحدث اتفاقية نموذجية لرابطة المقايضة والمشتقات الدولية (2002). هؤلاء هم الأشخاص الذي أحضروا لك «مقايضة الائتمان الافتراضي»، تلك المعاملة المالية الغامضة التي أتت على العالم تقريبا، بل ويمكن أن تستمر إذا لم تفلح خطة الإنقاذ التي تتبناها إدارة أوباما. الاتفاقية النموذجية تستخدم في مقايضات الائتمان الافتراضي بالطريقة نفسها التي يستخدم فيها العقد النموذجي لإيجار العقارات الموجود مع السماسرة لتأجير شقة بها غرفة نوم واحدة.

نعلم جميعا ما تعني شقة بها غرفة نوم واحدة، ولكن كم منا يعلم ما تعني مقايضة الائتمان الافتراضي؟ تسعى وسائل الإعلام جاهدة لتوضيح ذلك، وعادة ما تستخدم رسومات جذابة بها أسهم تظهر الأموال تذهب هنا وهناك. وفي بعض الأحيان يستسلمون، كما أفعل، ويصفونها بأنها «أدوات مالية غير اعتيادية»، ويتركونها هكذا. يأتي جزء من العداء الذي تتمتع به البنوك إلى جانب وول ستريت في الوقت الحالي، من الشك في أن الغموض والتعقيد جزء من القضية: الشك في أن هذه الأشياء أصبح من المستحيل توضيحها عن قصد في محاولة لتجنب أي فحص أو تحقيق. وكما يقول الممول بوب دايلان، في سياق آخر: «لا تنتقد ما لا تفهم».

ومن المشكلات الموجودة في خطة الإنقاذ المالي التي اتبعها أوباما، هي أنها معقدة وغامضة مثل المشكلة التي من المقرر أن تعمل على حلها. وقد دعا وزير الخزانة تيم غيتنر، خلال شهادته أمس في الكونغرس، إلى بساطة أكبر في التنظيم المالي. حسنا، حظا سعيدا. هنا فقرة كعينة من أحد الوثائق التوضيحية التي نشرتها وزارة الخزانة هذا الأسبوع. «يمكن إعطاء مستثمري القطاع الخاص حقوق سحب طوعية في مستوى مركبة خاصة، تخضع لقيود سوف يتم التوافق عليها مع الخزانة تتضمن ألا يكون لدى مستثمر القطاع الخاص الحق في سحب المركبة الخاصة قبل العام الثالث من الاستثمار الأولى بهذه المركبة الخاصة». جميع هذا الكلام عن المركبات الخاصة ربما يكون إشارة بارعة بقصة السيارة والسائق المرتبطة بتوم داستشل. من يعرف؟

الهدف الأكثر إلحاحا بالنسبة للحكومة هو تطهير النظام المالي من «الأصول السامة». اعتادت الإشارة إلى هذه بـ«الديون المشكوك في تحصيلها» حتى قرر شخص ما أن هناك حاجة إلى مصطلح هستيري بدرجة أكبر لتوضيح خطورة الوضع. لم يعد أحد يعبأ بالديون المشكوك في تحصيلها. كان يمكن للحكومة أن تبلع وتشتري هذه الأصول السامة نفسها. وبعد ذلك كان يمكنها أن تدفنها في جبل يوكا في نيفادا، حيث إنها مكان تلقى فيه النفايات النووية تصل قيمته إلى 13.5 مليار دولار، في الوقت المناسب لتعد ألا تستخدمه، على الأقل في النفايات النووية. وعلى عكس النفايات النووية لا يحتمل أن تخالط مقايضات الائتمان الافتراضي المياه الجوفية. وإذا ما حدث ذلك، فلا يوجد اختلاف يمكن ملاحظته بين التجارة في المشتقات، مثل مقايضات الائتمان الافتراضي، والصناعة الرئيسة في نيفادا. وذلك باستثناء أن الكميات الموجودة في مضاربة الاستجمام على نمط نيفادا أصغر كثيرا. يا إلهي، الحكومة لا تقدم مساعدات إنقاذ للمضاربين الصغار. حتى الآن.

ولكن، قررت الإدارة أن ترك ممولي القطاع الخاص يشاركون في المتعة سوف يكون أكثر إثارة. وهذا صدى غريب لما سبب الفوضى بالمقام الأول. وقد عملت الكيانات التي أجازتها الحكومة مثل «فاني ماي» و«فريدي ماك» بضمان حكومي ضمني، فيما نظر إلى الشركات، التي حسبنا أنها شركات خاصة، مثل «إيه آي جي» و«سيتي غروب» على أنها «أكبر من أن تفشل».

بصورة أو بأخرى، نجد أن الحكومة تقف ضد إرادتها. شعرت الحكومة أنه لا خيار أمامها. وتنظر الشركات الخاصة فيما إذا كانت سوف تلحق بالطرف الذي لديه خيار، ولذا سيتعين دعمها.

الخطة ذكية جدا جدا، وربما تكون ذكية بصورة مبالغ فيها. ويعتمد ذلك على إقناع الممولين الأذكياء أن هناك تعبا سوف يحدث بالاستثمار في الأصول السامة، بمساعدة حكومية. وحتما فإنه عندما يسكن الغبار، سوف يتبين أن بعض الشركات الخاصة والمستثمرين من الأفراد كانوا سببا في قدر كبير من التعب، الذي سوف يتسبب في اندلاع موجة أخرى من الغضب الشعبي، على غرار الغضب بسبب مكافآت «إيه آي جي».

خشية هذا الاندلاع، وأي أذى تابع يخرج من الكونغرس نتيجة لذلك، سوف يجعل المال الخاص أقل إغراءا، ما يعني أن الدعم سوف يكون أكبر، وسوف يعني أن التعب سيكون أعظم.

شيء جيد، في معظم الأحيان، أن يكون هناك غضب شعبي يركز على أهداف مالية أكثر من تبديد طاقاته على حروب ثقافية عبثية على قضايا مثل حرق العلم. سوف يضحي معظم الناس بسرور بعدد قليل من الأعلام مقابل عدد مساو من النقاط المئوية تحذف من معدلات البطالة. وإذا ما نما الغضب ونحي تجاه مذهب الحمائية، على سبيل المثال، فإنه لن يكون جيدا جدا.

وعلاج كافة الأسقام هذه الأيام، خاصة فيما يتعلق بعالم الأعمال والحكومة، هو أن تكون هناك «شفافية»: لا أسرار. نسمح للناس أن تعرف كل شيء، والمساوئ سوف تصلح من نفسها. ولكن تتطلب الشفافية ما هو أكثر من توفير المعلومات، فما هو الهدف من إتاحتها في كل مكان إذا كانت معقدة بصورة لا يمكن فهمها؟

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»