6 أسابيع أمام نتنياهو

TT

كأي تلميذ بليد أُبلغ رئيس وزراء إسرائيل بنجامين نتنياهو أنه مطلوب في البيت الأبيض بعد ستة أسابيع، وعليه أن يتأبط واجبه المدرسي مشروع السلام. إلا أن نتنياهو، كما يروى، أبلغ مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل، أنه يحتاج إلى 14 أسبوعاً. أي عملياً يكون جاهزاً عندما تأخذ الحكومة إجازتها الصيفية، على أمل أن ينسى باراك أوباما القضية برمتها أو تلهيه عنها قضايا طارئة. وميتشل مثل أستاذ جامعي، رجل مثابر وحريص، ومن الصعوبة تشتيت انتباهه، ويمشي مثل السلحفاة ببطء، وبلا ضجيج أو صفير، ويصل في النهاية إلى مبتغاه، كما فعل في القضية الأكثر تعقيداً والأطول نزاعاً في العالم، الصراع الأيرلندي. ويقال إنه انتقد رفض نتنياهو، معلقاً «لك عشر سنوات تقرر فيها برنامجك السنوي فهل يعقل أنه لا يوجد لديك واحد».

نتنياهو له رؤية مختلفة عن بقية السياسيين الإسرائيليين، فأغلبيتهم مستعدون لسلام ما، بأوصاف مختلفة مع الفلسطينيين، وأصبحوا تقريباً جميعاً يقبلون بمبدأ الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية. لكن نتنياهو يرفض مفهوم الدولة الفلسطينية رغم أنه حاول تعديل لغته وقبوله بدولة فلسطينية، لكنه وضع شروطاً مشبوهة، وأبرزها الاعتراف بيهودية إسرائيل. كلنا نعرف أن إسرائيل يهودية، وهي توصف بالدولة اليهودية، وهو أمر يخص الإسرائيليين بالدرجة الأولى والأخيرة، كما يخص الصوماليين مسألة تطبيق الشريعة في بلدهم. الخشية أنه يريد تبرير التخلص من غير اليهود غداً، أي الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية الذين تبلغ نسبتهم عشرين في المائة من الدولة اليهودية البالغ إجمالي عدد سكانها سبعة ملايين.

ومن التسريبات التي سبقت توليه رئاسة الوزراء أن نتنياهو لن يقبل بقيام دولة فلسطينية، وسيجد في تمرد حماس الدائم حجة يستخدمها للتنصل من الضغوط الأميركية. إلا أنه يملك عرضاً أكثر جاذبية للجانب الأميركي لاحقاً، وهو إحياء التفاوض مع السوريين، وسيكون عازماً على تحقيق سلام مغرٍ لهم يحصلون بموجبه على كل ما تعهد به إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، بإعادة كامل المحتل من الجولان والاتفاق على استثمار البحيرة وتوزيع المياه والقبول بمراقبة الأقمار الصناعية بديلا عن مواقع المراقبة الإسرائيلية المتمركزة في جبل الشيخ وغيره. يرى أن التنازل عن الجولان أكثر فائدة لأمن إسرائيل وأقل معارضة عند الفرد اليهودي الذي لا يرى الهضبة أرضاً، مقدسة بخلاف الضفة الغربية.

ونظراً لأننا أمام ضدين في الحكم، نتنياهو في زمن أوباما، فنحن نستقبل معركة سياسية كبيرة بينهما، والجانب الأميركي يملك نفوذاً هائلا، ما لم تفسده ممارسات بعض الأطراف الفلسطينية. فارتفاع نسبة العمليات العسكرية الفلسطينية ضد الإسرائيليين ستدفع بالرأي العام لصالح نتنياهو وستضعف أوباما، وستفعل ما فعلته أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 عندما وقعت بعد يوم واحد من تفاهم دولي على مشروع الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية. عملياً قضت على كل شيء وغيرت العالم ثماني سنوات لاحقة.

[email protected]