الرجل المتنقب

TT

لا أدري لماذا أنا مستهدف من بعض الفئات لينشروا في الإنترنت كلاما على لساني لم أكتبه؟! ولا أدري على إيه يستهدفونني يا حسرة؟! فلم أكن خطيرا أو مؤثرا أو صاحب نفوذ في أي يوم من الأيام، إن سلاحي هو بضع كلمات «لا تسمن ولا تغني من جوع»، أكتبها في الغالب على عجل، أحيانا وأنا واقف وأحيانا وأنا أهرول ـ وكان الله يحب المحسنين.

في هذه الأيام يتداولون في المنتديات كلاما منسوبا إليّ، أهاجم فيه اللاعب ياسر القحطاني، وأهاجم فيه أيضا «البنات»، وهذه هي الطامة «الصغرى».

وكأنهم لم يكتفوا بتداولهم مقالة سابقة «مفبركة» على لساني أهاجم فيها المفتي، ورغم تكذيبي لذلك التلفيق، فإنهم ما زالوا مستمرين في نشره، ولهم على هذا المنوال عدة أعوام.

فما لي أنا والمفتي؟! فأنا على باب الله لا أفقه في الإفتاء شيئا، وإن كانت لدي بعض الملاحظات، فلا تتعدى اختصاصي بـ«احترام الإنسان» والدفاع عن حقه بالاستمتاع بالحياة.

وما لي أنا وياسر القحطاني، حتى أتعرض له من قريب أو بعيد؟! هو في ميدانه يركض على العشب الأخضر، وأنا في ميداني أركض على الصفحة البيضاء، ولا دخل لي في سلوكياته، مثلما لا أسمح لأحد أن يتدخل في سلوكياتي.

والثالثة أدهى وأمرّ، فما لي أنا والبنات، حتى «أفرصع» لهن بعيني الحمراء، فليس من هواياتي أن أفجع أي أحد، فما بالكم بـ«البنات»؟! ولا من شيمي أن أقض مضجع أي أحد، ولا أطلق الإشاعات على أي أحد.. ولو أننا فتشنا صدور من يطلقون تلك الإشاعات لوجدناها مكدسة بالدرن والموبقات والأمراض النفسية.

على أية حال لا أملك إلا أن أقول لمن كتبوا باسمي كلاما مزيفا: «منكم لله».

وكان من الممكن أن اعتبر هذا الكلام تكذيبا وأكتفي بذلك وأتوقف، غير أنني أريد أن أستغلها فرصة لأعبر عن خيبة أملي في الكثير مما يُطرح في المنتديات من إسفاف وغوغائية وجهل مركب وتعدٍّ على خصوصيات الناس، واستغلال بشع وجائر للحرية التي هي أجمل كلمة في كل مفردات اللغات في العالم.

الحرية هي فكر وإبداع وتمرد على العبودية التي تريد أن تكبل العقل بالسلاسل، ليست الحرية طيشا، وخروجا على القانون، وامتهانا لعواطف الناس.

إن ما قيل عن لساني، ونُسب إليّ، أمر تافه لا يحرك حتى «صرصور أذني»، ولا أعيره هذه الأهمية، بقدر ما يحزنني ما ينشره البعض من افتراءات على من يكرهونهم، فيزيفون الأقاويل، ويركبون الصور، ويكفّرون ويرجمون ويُدخِلون نار جهنم من يشاؤون وهم يتضاحكون.

المشكلة أن الواحد من هؤلاء ما هو إلاّ رجل «متنقب» يلبس الكفوف السوداء ولا تظهر منه حتى ولا عيناه، الذي يظهر منه فقط هو طرف أنفه الممتلئ بالدمامل.

وهذا كله من بركات الإنترنت.

[email protected]