المكتبة الرقمية العالمية: كنوز وشركاء.. وماذا عن مكتباتنا؟

TT

محتوى المكتبات عموماً والرقمية خصوصاً، من أحد أهم المعايير العالمية لتقييم المكتبات، وفي عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبح إنشاء مكتبات رقمية ـ وتوفيرها للجميع بالمجان وبلغات متعددة ـ خطوة مهمة وضرورية لمعرفة المزيد عن التراث الثقافي المتميز للدول، وأيضاً لتعزيز التفاهم والتعاون الدولي بين الشعوب.

اليوم سوف تطلق منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) UNESCO في مقرها بباريس وبالاشتراك مع 32 شريكاً، المكتبة الرقمية العالمية World Digital Library ، ـ وموقعها على الإنترنت (www.worlddigitallibrary.org) ـ والتي ستوفر كنوز ثقافية نادرة وفريدة، من بينها أفلام وتسجيلات صوتية وصور وخرائط نادرة منها مخطوطات علمية عربية، من مؤسسات ومكتبات ودور كتب ومحفوظات في مختلف دول العالم، وستكون متاحة للجميع وبالمجان، لتحقيق عدة أهداف منها تنوع وتوسيع حجم المحتوى الثقافي عبر شبكة الإنترنت، وتضييق الفجوة الرقمية بين وداخل الدول.

ويذكر أن جيمس بيلنغتون James Billington ـ أمين مكتبة الكونغرس الأميركية Library of Congress ـ هو أول من اقترح على منظمة اليونسكو إنشاء مكتبة رقمية عالمية، تعلي من شأن الثقافات المختلفة المتفردة، وتعزز التفاهم الدولي بين الشعوب، ففي خطاب ألقاه في يونيو(حزيران) عام 2005، أمام اجتماع لمنظمة اليونسكو، قال: «من شأن مكتبة رقمية عالمية أن تجعل الأعمال الثقافية والفنية النادرة والفريدة متوفرة مجاناً لأي إنسان يستطيع الوصول إلى الإنترنت، ومن المحتمل جداً أن يكون لها تأثير مفيد في تحقيق التقارب بين الشعوب من خلال الاحتفاء بعمق وتفرد الثقافات المختلفة ضمن مشروع عالمي واحد».

وما لبث أن أعلن عن إطلاق مشروع إنشاء المكتبة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، وبمنحة من شركة البحث الشهيرة على الإنترنت «غوغل» Google ـ كأول شريك ـ بلغت 3 ملايين دولار. وقد ساهم في إعداد المكتبة الرقمية العالمية وتزويدها بالمحتوى والخبرة العديد من الشركاء بلغ 32 شريكاً من مكتبات وطنية ومؤسسات ثقافية وتعليمية، من أكثر من 20 دولة، في كل من البرازيل ومصر والصين وفرنسا والعراق وإسرائيل واليابان ومالي والمكسيك والمغرب وهولندا وقطر واتحاد روسيا والمملكة العربية السعودية وصربيا وسلوفاكيا والسويد وأوغندا والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، وسوف تعمل المكتبة بسبع لغات هي العربية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والصينية والروسية، وتشمل محتوياتها عشرات اللغات.

الخلاصة، أن إطلاق المكتبة الرقمية العالمية، دعوة مهمة لمناقشة مدى إمكانية إطلاق مبادرة لمشروع إنشاء «مكتبة رقمية عربية» متميزة ومتاحة مجاناً على الإنترنت وبلغات متعددة، والتحديات التي قد تواجهها، وكذلك مناقشة إمكانات ومحتويات مكتباتنا الرقمية الموجودة حالياً من حيث، مدى إتاحتها على الإنترنت وحجمها وتنوعها وأوصافها، ومحتوياتها وبخاصة النادرة منها كالمخطوطات والخرائط والأفلام والتسجيلات، ودقة التبويب والتصنيفات وقواعد البيانات، وعدد لغات التصفح المتاحة ومدى توفرها للمتخصصين وعامة الجمهور، وكيفية التصفح ومدى ومستوى تشجيع وإثارة حب الاستطلاع لدى الطلاب والجمهور على تعلم المزيد من المعارف، وكذلك كيفية وطريقة البحث عن المحتويات الرقمية وأساليب التفاعل بين مستخدمي المكتبة الرقمية والقائمين عليها، ومؤهلات وكفاءة ومهارات القائمين على شؤون المكتبات الرقمية، إلى غير ذلك من تساؤلات يفيد الإجابة عنها في إعداد وتأسيس مكتبات رقمية عربية مميزة، أصبحت ضرورة عصرية لبناء مجتمع المعرفة.

*كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية