هل أوباما ضعيف؟

TT

اضطر الرئيس أوباما لتبرير أقواله وأفعاله بعد زياراته الخارجية الأولى لأوروبا وتركيا وأميركا اللاتينية، ليثبت أنه ليس ضعيفا. ففي أميركا هاجمه معارضوه على اعتذاراته المتكررة، قائلين إنه بدأ يتسول الشعبية لأميركا في أوروبا والعالم العربي والإسلامي.

هذا بينما في أوروبا وصفه ساركوزي بالضعف، وهو انطباع يردده أوروبيون آخرون، خصوصا أن أوباما لم ينجح في إقناع الأوروبيين بملف أفغانستان. أما في أميركا اللاتينية، فقد استغل الرئيس الفنزويلي شافيز قول أوباما إنه يريد الاستماع ليهديه كتاب «الشرايين المفتوحة لأميركا اللاتينية» علّ أن يقرأه أوباما ويتعلم.

وكان الرئيس الأميركي السابق بوش قد تبنى فكرة نشر الديمقراطية عالميا في 2004 بعد قراءة كتاب «مرافعة الديمقراطية» للإسرائيلي ناتان شارانسكي، حيث أعجب بوش برمزية أن جنديا، يمثل الديكتاتورية، وضع مسدسه بوجه مسجون، يمثل الشعب، لفترة طويلة، لكن عندما تعب الجندي وارتخت يده فر السجين، وطار بوش على طريقة «وجدتها.. وجدتها» مبشرا بالديمقراطية.

فهل أوباما كذلك؟ جزء من تبريراته لمنتقديه قد تساعد على الفهم، حيث يقول إنه وإن لم ينجح في إقناع الأوروبيين بزيادة قواتهم في أفغانستان، فإنه نجح في كسب شعبية لأميركا بأوروبا قد تساعد القادة الأوروبيين على تبني مواقف حليفتهم أميركا. وهذا يعني أن ضعف شعبية بوش هو الذي منع أوروبا من مساندة واشنطن في قضايا كثيرة، بينما واقع الحال يقول العكس، وسيكتشف أوباما أن كثيرا من القادة قد استخدموا بوش عذرا للتنصل من أمور لا يريدونها هم، لكنهم قد يتغيرون مع تغير المصالح.

فها هي فرنسا ساركوزي تسعى لدور بالعراق، بعد أن كانت قائدة تعطيل التحالف الذي أراد بوش تشكيله لغزو العراق. وها هي إيران التي تعادي أميركا بسبب احتلال العراق تفاوض واشنطن حول العراق! ولم تغير كوريا الشمالية سياسة تحدى المجتمع الدولي، ومثلها إيران، نوويا، بل إن طهران تتحدى أوباما اليوم بقضية الصحافية المسجونة على الرغم من أن أوباما مد لها يد الحوار.

ولابد أن نتذكر أيام بوش الأولى في الحكم، فبعد فوزه بانتخابات عام 2000 احتجزت الصين طائرة تجسس أميركية بطاقمها، وفي مارس 2001 احتجزت الصين أيضا باحثة صينية كانت تعمل بجامعة أميركية. وقتها اتهمت الصحافة الأميركية بوش بالضعف، وطالبته برد قوي على الصين. كما تلقى بوش في تلك الفترة رسالة العاهل السعودي (وقتها ولي العهد) الملك عبد الله التي هدده فيها بقطع العلاقات ما لم تتخذ واشنطن موقفا حاسما تجاه فلسطين، وعلى أثرها قرر بوش إلقاء خطاب بالأمم المتحدة يعلن فيه مشروع الدولتين.

لكن وقعت هجمات 11 سبتمبر، وتحول بعدها بوش إلى ذلك الرجل الغاضب، الشرس، حتى غادر البيت الأبيض.

خلاصة القول إن الأحداث هي التي تصنع القادة وتشكلهم. فرونالد ريغان مثلا لم يكن الأكثر شعبية، لكنه الرجل الذي أسقط الشيوعية. بينما بيل كلينتون الأكثر شعبية لم يتنبه لخطر القاعدة وبن لادن، وفر من الصومال بعد صور التنكيل بالجنود الأميركيين. ولذا فمن المبكر القول إن كان أوباما ضعيفا أو قويا.

[email protected]