سندريلاّ

TT

هناك بعض الأشخاص يضعون أنفسهم ومن معهم في مواقف محرجة ليس لها داع، لو أنهم تبصروا قليلا، ولم يحمّلوا الأمور أكثر مما تحتمل ـ خصوصاً إذا كانوا أبرياء، وليس هناك تهمة أو شك يدور حولهم.

مثل تلك الحادثة التي سمعتها من أكثر من مصدر، ولست أدري عن مدى تطابقها مع الواقع.

وجاء فيها: أن رجلا استعار منه صديقه سيارته لعدّة أيام، ثم استردها بعد أن سافر ذلك الصديق.

وفي اليوم التالي، كان مدعواً مع زوجته في إحدى المناسبات الرسمية الباذخة، وركبت زوجته بجانبه في نفس السيارة، وعندما وقف أمام إشارة المرور، حانت منه التفاتة نحو أرضية الكرسي الذي تجلس عليه زوجته، فلمح فردة حذاء نسائية تحت الكرسي، فاهتزت مفاصله، وأخذ يشير لها بيده نحو عمائر عالية بطرف الشارع ليصرف نظرها ويلهيها، فرفعت الزوجة (الهبلا) رأسها عالياً تنظر للبعيد، فما كان منه إلاّ أن يلتقط بيده الأخرى فردة الحذاء (بسرعة البرق)، ويقذف بها على رصيف الشارع من نافذته المفتوحة دون أن تشعر زوجته، بعدها تنفس الصعداء، ومن شدة فرحته حرك مؤشر الراديو على محطة (الإف إم) وراح يصفر ويتهزهز ويتجاوب بالغناء مع أول أغنية وقع عليها، إلى درجة أن زوجته استغربت من تحول مزاجه المفاجئ، غير أنه كان في واد وهي في واد آخر، وحمد ربه لأنه تخلص من تلك الجزمة التي قد تتحول إلى تهمة ومساءلة ومشكلة طويلة عريضة لا أول لها ولا آخر، خصوصاً وهو يعرف عقلية ونفسية وغيرة زوجته العمياء.

وعندما دلف بسيارته إلى داخل حوش القصر الفخم، وإذا بعلية القوم من الرجال والنساء واقفين أمام المدخل لاستقبالهما، وسارع هو بالنزول واتجه كأي (جنتل مان) متحضر وفتح باب السيارة لزوجته، غير أنه شاهدها وهي (تزوك) وتتخبط بيديها في أرضية السيارة، وعندما استفسر منها عن ماذا تبحث؟!، قالت له: إنني أبحث عن فردة حذائي، فأسقط في يده، بل وكاد أن يغمى عليه، إذ عرف أن الجزمة التي قذف بها لم تكن غير جزمتها، وقد خلعتها المسكينة من قدمها لترتاح قليلا.

غير أنه تمالك أعصابه وأخذ يمثل كأنه يفتش معها عنها، ثم سألها: هل أنت متأكدة أنك كنت تلبسينها؟!، فنهرته قائلة: هل أنا معتوهة لألبس فردة حذاء واحدة؟!، فقال لها: جل من لا يسهو، فصرخت في وجهه قائلة: هل أنت بعقلك عندما تقول مثل هذا الكلام؟!، أنا متأكدة أنني كنت ألبس الفردتين، ولم يكن بالسيارة غيري أنا وأنت فأين ذهبت الفردة، هل طارت؟!، صمت ولم يجبها، رغم أنه بينه وبين نفسه كان يقول: نعم إنها والله طارت.

كل تلك المشاحنات كانت تجري أمام المستقبلين المتعجبين الذين لا يعرفون ما هي (الطبخة)؟!.

وبعد (اليأس) نزلت (سندريلا) وهي تحجل على رجل واحدة كأي دجاجة عرجاء.

الخلاصة أن صاحبة القصر تبرعت لها بجزمة كاملة.

وقبل أن أختم لدي سؤال بريء يقول: هل يا ترى كان على رأس ذلك الزوج (بطحاء) ولهذا هو حسحس عليه؟!.

كما أن لديّ سؤالا آخر لا يخلو من الخبث وهو موجه للقارئ العزيز، ويقول: ماذا سوف تكون ردة فعلك أنت لو كنت في ذلك الموقف، وكانت زوجتك المفتولة (العضلات) تركب بجانبك؟!.

[email protected]