روكسانا صابري.. الرهينة؟

TT

الحكاية التي بدأت بتوقيف شابة بذريعة شرائها زجاجة مشروب كحولي تحولت لتصبح محكا للعلاقة بين الإدارة الأميركية الجديدة للرئيس باراك أوباما وإيران.

هي أيضاً محك علاقة إيران بجالياتها المنتشرة في العالم خصوصاً في أميركا.

ليست صابري الموقوفة الأولى في إيران التي تتهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وتدان بناء على تلك التهمة. في العام الماضي وحده سجن 14 صحافيا على الأقل فيما حجبت 34 صحيفة عن الصدور. معظم قضايا الصحافيين في إيران تبنى على اتهامات بالتجسس وهي تهمة طاولت شرائح واسعة من المستقلين ومن الإيرانيين الذين يحملون جنسيات أخرى.

في حالة الشابة روكسانا صابري التي تقيم منذ أكثر من 6 سنوات في إيران راسلت خلالها مجموعة من وسائل الإعلام الأميركية والغربية تكررت القضية. بداية أوقفت بحجة شراء كحول والعمل كصحافية من دون ترخيص إلى أن صدرت ضدها الإدانة. اللافت أنه خلال عشرة أيام وجهت إلى صابري تهمة خطرة هي التجسس وأدينت وحكم عليها في محاكمة سرية بالسجن ثماني سنوات من دون أن تعلن السلطات الإيرانية الأدلة التي استندت إليها في الإدانة.

القضية أتت في توقيت دقيق هو اعتماد الإدارة الأميركية الجديدة لسياسة أكثر حوارية واعتدالا تجاه إيران. يخشى مؤيدو الحوار هذا أن تؤدي قضية الصحافية صابري إلى نكسة في مساعي تحسين العلاقات بين البلدين. المنحى الأخطر هو ميل إيران لاستخدام مثل هذه القضايا ضد أشخاص يحملون جنسيات مزدوجة من أجل فرض ضغوط على دول أخرى وبالتالي يصبح الموقوفون أوراق مقايضة تستخدمها إيران لتحقيق أهدافها الخاصة.

لعل ذلك يفسر السرعة القياسية في قبول القضاء الإيراني لاستئناف القضية الذي بت قبل أيام.

فقد بدت لافتة سرعة الاستجابة الإيرانية للتذمر الأميركي والعالمي من توقيف صابري واستئناف الحكم وهذه السرعة القياسية في قبول الاستئناف توحي بهشاشة الذرائع القانونية التي اعتمدت لإدانة الصحافية روكسانا صابري وكثيرين وكثيرات غيرها.

توقيف صابري إذن هو مادة قابلة للمساومة السياسية.

هذا ما توحي به التسريبات بأن الإيرانيين يسعون إلى الضغط على الأميركيين لمبادلة صابري بثلاثة موقوفين إيرانيين لدى القوات الأميركية في العراق. من المؤسف أن تكون حياة إنسان ومصيره على محك المساومة السياسية وهذا يوحي بأن الشابة الأميركية من أصل إيراني هي في الواقع رهينة لدى النظام الإيراني وليست سجينة تحت قوس العدالة.

مثل تلك القضايا توحي إلى جانب سهولة استخدام حياة الأشخاص كأداة مساومة بمدى العزلة التي يضع فيها النظام الإيراني المجتمع الإيراني فيها وهو مجتمع لديه انتشار وجاليات كبرى فاعلة في الخارج.

إنها عزلة تذكر بتلك التي عانها العراقيون داخل العراق خلال عهد صدام حسين.

الدول غالباً ما تحاول جذب جالياتها وإغراءهم بإبقاء علاقة ما مع الوطن الأم. الجاليات هي مصدر قوة ودخل ونفوذ لكن يبدو أنهم بالنسبة إيران جواسيس وأعداء..

diana@ asharqalawsat.com