السياسة: في الدم وفي الدماء

TT

قال لي صديق عربي: «عجيب أمر السياسيين في لبنان. إن الفكرة السائدة في العالم العربي هي أن اللبنانيين شعب يحب الحياة ويعدو خلفها، لكن السياسيين يندفعون في اتجاه معاركهم برغم كل ما أحيط بهم من موت واغتيالات وخوف. لا مثيل للنسخة اللبنانية في العالم. إليك هذه الأمثلة: سعد الحريري لا يزال يخوض المعركة السياسية برغم اغتيال والده بالطريقة التي اغتيل بها. وإلى جانبه أيضاً عمته. ووليد جنبلاط لا يزال يندفع في السياسة برغم اغتيال والده وبرغم نجاته هو شخصياً من محاولة كادت تودي به. وربما أكثر من محاولة. ومروان حمادة لا يزال في المعركة مع أنه عاد بأعجوبة من الموت اغتيالا. وسامي الجميل يخوض المعركة مع أنه الوحيد الباقي في عائلة أمين الجميل بعد اغتيال شقيقه الأكبر، بيار. ونديم الجميل يخوض المعركة برغم اغتيال والده بشير وشقيقته الطفلة. ودوري شمعون لا يزال يخوض معاركه برغم اغتيال شقيقه داني وعائلته جميعها. وسليمان فرنجية في المعركة برغم اغتيال والده وأمه وكامل عائلته. ونجل النائب ناظم القادري يخوض المعركة في البقاع حيث اغتيل والده. وسعد خالد يخوض المعركة برغم اغتيال والده المفتي حسن خالد. وعمر كرامي يخوض المعركة برغم اغتيال شقيقه رشيد كرامي. وأسامة سعد يخوض المعركة في صيدا حيث اغتيل والده. وابنة جبران تويني تنزل إلى ساحة بيروت لخوض معركة والدها».

وأكمل الصديق العربي: «لا أعرف بلداً في العالم يبلغ فيه ثمن العمل السياسي هذا الارتفاع. وفي استطاعة جميع من سمينا أن يعيشوا حياة ممتازة خارج العمل السياسي، لكنهم ماضون ومصرون. كارلوس اده ترك ثروته وأعماله في البرازيل، وجاء يخلف عمه في رئاسة الكتلة الوطنية. ما هو السر الذي يدفع اللبنانيين إلى العيش في دائرة الخطر؟ لماذا تصر العائلات السياسية على البقاء برغم كل هذه الشواهد وجميع هؤلاء الشهود؟».

قلت للصديق العزيز إنني بكل صدق لا أعرف الجواب. بل لم أطرحه على نفسي من قبل. الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن هذه هي العائلات السياسية التي يطالب الجنرال ميشال عون بإلغائها. ولديه لائحة طويلة بمن يحب أن يحلوا مكانها.