آخر كلام لشاه إيران!

TT

كنت آخر من التقى إمبراطور إيران في القاهرة. كان الرجل هزيلا شاحبا. ولكن جلوسه ووقوفه واعتداله في جلسته: ملك ابن ملك. هاجم الملالي حكام إيران. ووصف الخوميني بأنه رجل دموي. ووصف الذين حوله.. وقال سوف يندمون على هذا الاختيار - جلالته هو الذي قال ذلك.

وكنت قد قابلت شاه إيران، ضمن آخرين، في مؤتمر صحفي بمناسبة مهرجانات برسيوليس الخرافية، التي أقام بها بيوتا من المطاط، وأهدى كل رئيس سجادة عليها صورته. الرئيس السادات اعتذر، وذهب ـ نيابة عنه ـ السيد حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية. ويومها كان الشاه في غاية الحيوية والشباب: قوامه الرشيق، ووجهه المضيء، وألوانه الموسيقية.. ملك.. إمبراطور.. والشوك والملاعق في أيدينا من الذهب الخالص.. وعليها عيوننا وعيون الحراس أيضا.

وأدهشني الشاه وهو يتكلم عن مرضه بالتفصيل المؤلم، وأنه سوف يموت، ولكنه يذكر دائما موقف الرئيس السادات ونبله وكرم أخلاقه وشخصيته، فقد احتضنه يوم رفضه العالم كله.. وفي مقدمة العالم الولايات المتحدة. ولا ينسى أن الرئيس كارتر، ليلة رأس السنة وهو يرقص مع الشاهبانو، همس في أذنها «إيران جزيرة الأمان..».

والرئيس الأمريكي لم يكن يعرف أن المخابرات المركزية تقف في مطار طهران في انتظار آية الله روح الله الإمام الخوميني «الاثني عشري»..

هل هذا ممكن؟. نعم، فأجهزة الدولة الأمريكية هي الثوابت، وهى الباقية، أما الرئيس الأمريكي، فلم يبق من عمره الرئاسي سوى أيام، فكأنه لم يعد رئيسا. ويوم هز الرئيس الأمريكي رأسه أسفا على إمبراطور إيران، جاء مَنْ يهمس في أذنه «إنها مصالح أمريكا.. جرى لك إيه؟!».