أوباما يستعرض عضلاته

TT

تضمنت طبعة من «ايكونوميست» البريطانية اللاذعة النقد، مقالا افتتاحيا رئيسيا يتحدث عن مخاوف كبيرة إزاء باراك أوباما. قال المقال: «أداؤه أضعف مما كان يأمل من صدق على ترشيحه، ومنهم هذه الصحيفة».

«على الرغم من انتصاره الانتخابي المبهر، وأغلبيته موحدة الكلمة في غرفتي الكونغرس، والرضا الواضح لمعظم الناخبين، بدا السيد أوباما غير فعال بصورة غريبة».

لو كان محررو «ايكونوميست» انتظروا لأيام قليلة، أشك في أنهم كانوا سيصدرون هذا الحكم، فقد تسرب الكلام من ديترويت عن أن ريتشارد واغونر، الرئيس التنفيذي لـ«جنرال موتورز»، سوف يتنحى على الفور بناء على طلب من البيت الأبيض. وفي اليوم التالي، أوضح أوباما أن واغونر أقيل من منصبه (مع معظم أعضاء مجلس إدارة جنرال موتورز) في إطار بنود حازمة سيضعها الرئيس لتمديد إقراض الإنقاذ، الذي كان قد أقرته إدارة بوش العام الماضي لمساعدة شركة السيارات المتعثرة على تجنب الإفلاس لمدة 60 يوما. وأعلن أوباما أيضا، أنه إذا كان دائنو وعمال وموردو «جنرال موتورز» لم يقدموا التنازلات التي ترى قوة مهمة الإدارة ضرورية، فإنه لا يحتمل أن يكون هناك المزيد من المساعدات التي يمولها دافعو الضرائب. كان استعراض درامي للعضلات، يستهدف اثنين من الثلاثة الكبار سابقا، والدعامة الاقتصادية لمدينة ديترويت وولاية ميتشغان، التي تقع ضمن الأركان السياسية الأبرز للحزب الديمقراطي. احتج الحاكم الديمقراطي جنيفر غرانهولم، على اتخاذ واغونر كبش فداء. ولكن، قال السناتور كارل ليفين: إنه عندما اجتمع أوباما مع أعضاء من وفد ميتشغان، أوضح أنه «لم يكن ثمة معنى في مناقشة ما إذا كان ذلك عدلا أم لا أو يتسم بالحكمة أم لا. كان قرارا ولم يستشرنا فيه، بل أخبرنا به».

يمكن أن تسمع في تعليقات ليفين وأعضاء آخرين في الكونغرس أصوات إعجاب على مضض بزميل سياسي أظهر عزيمة بمقدار أكبر مما كانوا يتوقعون.

وكان النموذج الأكثر مأساة من هذا النوع في خبرتي هو ما قام به رونالد ريغان، في صيف عام 1981، وهذا أول عام له في منصب الرئيس. قدم اتحاد مراقبي حركة الطيران (باتكو)، وهو اتحاد عمالي يمثل موظفي الحكومة كانوا يعملون في المراقبة الجوية، سلسلة من طلبات التعاقد، من بينها زيادات في المرتبات قيمتها 10.000 دولار في العام، وساعات أقل ليقللوا من الإجهاد الذي تتسم به وظائفهم، التي بها قدر كبير من الإجهاد. وعند توقف المفاوضات، هدد الاتحاد بأن يقيم إضرابا، على الرغم من أن القانون الفيدرالي يحظر ذلك. وعندما نفذ الاتحاد تهديده، أعطى ريغان أعضاءه 48 ساعة للعودة للعمل، محذرا أنه من لن يستجيب سوف يفصل من عمله. وراهن الاتحاد على أن ريغان، لن يخاطر بفوضى في خدمة الطيران وإثارة العديد من المسافرين من رجال الأعمال. ولكن خسر الاتحاد الرهان. وسرعان ما فصل 12 ألفا من أعضائه، أي جميع الأعضاء سوى عدد قليل من المنشقين الذين بقوا في عملهم. وعندما فشل الإضراب بعد خمسة أيام، منع ريغان إعادة توظيف المضربين في أي من المناصب الحكومية.

وكانت هذه كارثة بالنسبة للعمال النقابيين، لأنه قوى من معارضة الكثير من أصحاب العمل في القطاع الخاص لإقامة الاتحادات العمالية. ولكن بالنسبة لريغان، كانت هناك منافع بالجملة، فقد كان محبوبا بصورة كبيرة. ولكن لم يخشى منه أحد من قبل، حتى فعل فعلته هذه مع إضراب اتحاد مراقبي حركة الطيران. وبعد ذلك كان الديمقراطيون والجمهوريون على السواء يخشون معارضته.

ومن الممكن، فيما أعتقد، أن يكون لإقالة واغونر ومديري «جنرال موتورز» أثر مشابه بالنسبة لأوباما، إذا التزم بالمواعيد النهائية وغيرها من الشروط.

وكما يشير المقال الافتتاحي لـ«ايكونوميست»، فإنه يحتاج إلى أن يستعرض قوته. إنه لطيف بصورة واضحة مع الكونغرس. ولحماية مستقبل تشريعاته ذات الأولوية الخاصة بالرعاية الصحية والطاقة والتعليم، سمح للكونغرس بأن يكتب الصيغة التي يريد لحزمة التحفيز، ووقع على ميزانية متخمة بمخصصات كان يعارضها.

كما أنه خفف من طلبه بخصوص الخصومات الضريبية للطبقة المتوسطة، وبدا وكأنه ينحي المنتقدين في كلا الحزبين، الذين يعترضون على المنحى الذي يتبعه لتقليل الانبعاثات.

لقد كان هناك انطباع متنام بأن أوباما شخص يمكن أن تتحكم فيه، إلى أن قام بإزالة رأس مؤسسة أميركية بارزة، مثل «جنرال موتورز». ومثلما فعل ريغان، سيكون الوضع أفضل إذا قضيت على هذه الفكرة في البداية.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»