ثم أُودع ثرى مدينته وجوهرة التاج الذي لم يبقَ طويلا. يا طويل العمر.. لا أجد طعاما!

TT

أثناء حرب الخليج ذهبنا مع الرئيس مبارك إلى السعودية. ومعروف مقدما حجم الموائد الملكية، وما عليها من طعام فخم أبهة. ولكنني، نهائيًّا، لا أستطيع أن أمد يدا، أو عينا إلى هذه الأشياء التي تكومت على الموائد، وامتدت إليها السكاكين والشوك.. ووقفت أستجدي قطعة من الجبن. ورآني الرئيس مبارك؛ فأشار بيده: «فيه إيه مالك؟»؛ فذهبت إليه، ثم التفت إلى خادم الحرمين الملك فهد، وقلت «يا جلالة الملك.. أنا جائع على مائدتك»؛

فاندهش وتساءل؛ فقلت «لا آكل اللحوم.. أريد قطعة من الجبن ورغيفا»؛

فأشار بيده.. وما هي إلا لحظات، حتى جاءت مائدة، كأنها نزلت من السقف، وعليها كل أنواع الجبن.. ما يخطر وما لا يخطر على البال. وفوجئت بأن أكثر الموجودين تركوا اللحم، واتجهوا إلى الجبن والخبز. وتعالت الأصوات يطالبونني أن أساعد في توزيع الجبن على الضيوف. وفعلت. ولما عدت إلى مكاني؛ لم أجد إلا فتافيت الجبن، وبقايا الخبز. وطالت جلستنا، فسألت «ما هو البروتوكول هنا؟.. هل نظل في انتظار خادم الحرمين حتى ينهض..؟».

قالوا «لا.. بل خادم الحرمين ينتظرك حتى تنهض، لأنك أنت الضيف»؛ فأشرت لمن حولي أن يبرحوا المكان، حتى ينفرد خادم الحرمين بالرئيس مبارك..

وسألني الرئيس مبارك، فقلت له «والله يا ريس أنا الجائع الوحيد على مائدة الكرام.. انشغلت بتوزيع الجبن؛ فلم يبق لي شيء!».

هز الرئيس رأسه بما معناه «وأنا حاعمل إيه..؟!، أمامك الطعام أشكالا وألوانا؛ فاخترتَ طعام الفقراء!».