السودان وزوجاته الأربع!

TT

حديث عضو الحركة الشعبية الجنوبية اتيم قرنق دينق نائب رئيس البرلمان السوداني، عن حال السلطة المركزية بالعاصمة، وما أسماه زوجات الخرطوم الأربع، يوحي بأن حل الأوضاع في السودان ليس لدى الجامعة العربية، أو الأمم المتحدة، إنما لدى برنامج «كلام نواعم»!

فالسيد دينق، المسيحي، يشبه مناطق السودان بالزوجات الأربع للخرطوم، وعليه، فإن الظلم الواقع بحق دارفور يوجب على «الجنوبية» طلب الطلاق، لأن الخرطوم لم تعدل مع الزوجة الغربية.

وهذا ربط غير مقبول، حتى من واقع تعدد الزوجات، فلم نسمع من قبل عن وحدة المصير المشترك بالنسبة للضرائر، وإذا كان التوصيف أسريا هنا، فإن الخرطوم هي الأم، ولا أحد يعق والدته، أيا كانت الأسباب.

ربط السيد دينق أوضاع الجنوب بالأوضاع بدارفور تحايل مكشوف، بل تصعيد للأوضاع بالسودان، واستغلال لتباين دولي بطريقة التعامل مع مذكرة الإيقاف الخاصة بالرئيس السوداني.

لا نقول ذلك تعاطفا مع مرتكبي جرائم دارفور، وإنما إيمانا بوحدة الأراضي السودانية. صحيح أن هناك الكثير من المآخذ على النظام السوداني، لكن يجب أن تبقى وحدة الأراضي السودانية فوق كل اعتبار، وفوق كل زعيم، فالمطلوب اليوم هو بناء دولنا، لا الشروع في بناء دويلاتنا.

تعقيد الأوضاع المعقدة أصلا بالسودان، وربط الحلول بأزمة دارفور، لن يحل قضية الجنوب، بل سيرسخ الاعتقاد الذي تروجه حكومة الخرطوم بأن الهدف الرئيسي من المحكمة الدولية ليس إيقاف الجرائم بدارفور، وإنما لتقسيم السودان. وهذا أمر خطر، ويفقد المظلومين بدارفور تعاطفا يستحقونه، كما أنه يصعب من مهمة الراغبين في تقديم حلول عملية للسودان.

وهذا ما يجب أن يعيه النظام بالخرطوم، وكذلك العالم العربي، فكم هو محير تداعي دولنا، وضعفها، الواحدة تلو الأخرى، وبمباركة من تيارات تدعي الخوف على العالم العربي وأمنه، حيث تتحول الأراضي العربية مسرحا للميليشيات والمهربين.

ولذا فإن ربط عضو الحركة الشعبية الجنوبية اتيم قرنق دينق أوضاع جنوب السودان، وعملية انفصاله، بما يدور في دارفور، وكيفية حل الأزمة هناك، يعد أمرا خطيرا، وابتزازا سياسيا.

بل إن حديث نائب رئيس البرلمان السوداني يوحي بأن الأمر مجرد تحصيل حاصل، وكلها مسألة وقت لإعلان انفصال الجنوب عن السودان، خصوصا أن المعلومات تشير إلى أن الجنوبيين قد شرعوا في تهيئة الأوضاع المؤهلة لإعلان الانفصال. فعملية التسليح تتم في وتيرة متسارعة، وكذلك صفقات العقود التجارية الكبرى، والتي تشير إلى أن هناك سعيا لتشكيل دولة، وليس مجرد أعمال تجارية تطويرية عادية لمنطقة تتبع الدولة الأم، ناهيك عن فتح خط هاتف في الجنوب يتبع أوغندا، وليس الدولة الأم السودان.

فهل يدرك العالم العربي خطورة قادم الأيام في السودان، وقبل هذا وذاك، هل يدرك النظام الحاكم بالخرطوم هذا الأمر، أم ننتظر الكارثة حتى تحدث على غرار ما حدث مع أزمة دارفور؟

[email protected]