ليست «مشؤومة» ولا «مسمومة»!

TT

من حق وزارة الشؤون الاجتماعية أن تختلف مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، وأن تفند ملاحظاتها وانتقاداتها المتصلة بدار من دور الملاحظة التابعة للوزارة، ولكن اللغة التي جاءت على لسان مدير عام فرع الوزارة في منطقة مكة المكرمة ـ التي نشرتها صحيفة إيلاف الإلكترونية بتاريخ 20/4/2009ـ لغة اتسمت بالحدة والغضب، خاصة حينما وصف زيارة الجمعية لدار الملاحظة بـ«المشؤومة»، و«المسمومة»، وأن الزيارة ليس هدفها الإصلاح وإنما إثارة البلبلة، كما خلت دفاعاته من مراعاة الجانب التربوي، وهو يصف دار الملاحظة بأنه سجن، وليس دارا للأيتام، وأن 80 في المائة منهم من غير السعوديين، وأن هؤلاء يتمتعون ببنية ضخمة جدا. وفي تقديري أن دور الملاحظة لا يفترض النظر إليها كسجون بحتة، بل مؤسسات تربوية إصلاحية للأحداث بصرف النظر عن جنسياتهم، وبنية أجسامهم، ونوعية جرائمهم، والمجتمع يعول كثيرا على هذه الدور في تنقية الأحداث من الشوائب التي علقت بهم، والعودة بهم إلى طريق الخير، والهداية، والصلاح.

ويبدو أن رؤية مدير فرع الوزارة للدور الذي تقوم به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لا تتسم بالوضوح، فهو يردد عبارات مثل: «أتونا على غفلة، ورحبنا بهم، وسمحنا لهم يتجولون في الدار»، وكأن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لا تنتمي إلى هذا البلد، وتحتاج إلى إذن، وسماح رغم أنها ـ أي الجمعية ـ تمارس عملها بموافقة، ودعم المسؤولين، وتتضافر جهودها مع جهودهم في الإصلاح والتطوير.

أتفهم أن يختلف وزير، أو مدير، أو مسؤول مع ملاحظات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وأفترض جدلا أن حسابات الجمعية لا تتفق مع حسابات المسؤولين في بعض الإدارات، ولكن تظل ثمة لغة للنقاش، والحوار، والتفاهم أكثر هدوءا، ولا تصل إلى حد نعت زيارات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بـ«المشؤومة»، و«المسمومة»، فالصراع بين المؤسسات الحكومية، وبين جمعيات حقوق الإنسان الذي يحدث في الخارج ليس سمة من سماتنا الاجتماعية، فالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية جمعية تتكامل، وتتضافر جهودها مع جهود وأهداف المسؤولين، وقيادة هذه البلاد تظل دائما الأسبق، والأحرص، والأقرب إلى تلمس كل ما يتصل بحقوق المواطن والمقيم، وبالتالي فإن التعامل مع هذه الجمعية، وتوصياتها، وملاحظاتها من قبل الإدارات والمصالح الحكومية ينبغي النظر إليها من منظور الرغبة المشتركة في أن نلامس المستوى الذي يليق بنا ارتقاء، وتطورا، فهذه البلاد التي انبثق منها فجر العدالة، والحرية، وحقوق الإنسان قبل ألف وأربعمائة عاما ستظل على الدوام الرمز، والمثال، والقدوة.

[email protected]