معارضة اليوم.. حكام الغد

TT

بصفتي مسؤولا في حركة المقاومة الإيرانية ومتابعاً للصحافة العربية ولما يكتبه الأستاذ عبدالرحمن الراشد، أعجبني ما كتبه الأستاذ في جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 22 مارس (آذار) الحالي بشأن مواقف موفق الربيعي ضد مجاهدي خلق في مدينة أشرف.

إن ما كتبه عبدالرحمن الراشد من شأنه أن يكون نموذجاً لما يجدر من المثقفين العرب كتابته بشأن الدفاع عن حقوق أعضاء المعارضة الإيرانية الموجودين في مدينة أشرف. وأعتقد أن هذا الدفاع واجب إنساني وإسلامي وسياسي وأخلاقي وتاريخي.

وأرى أن كاتب مقال «حكام اليوم معارضة أمس» قد وضع النقاط على الحروف في شرح تصريحات موفق الربيعي وتأكيده بأن الربيعي ينفذ أجندة النظام الإيراني، أو بتعبير المقال، «يريد إرضاء الإيرانيين». ويريد تسليم مجاهدي خلق إلى نظام الملالي ليعدمهم. لكن لايشغل باله ما يفعله النظام الإيراني بالأرض العراقية فساداً في قتل الكوادر العلمية، وإرسال مختلف أنواع الأسلحة إلى العراق، ونهب ثروات الشعب العراقي بلا ثمن و...

فلايسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل والامتنان والعرفان للأستاذ الراشد لما تمتاز به مقالته من الموضوعية والجرأة في مصارحة الحقيقة، فإنها كلمة حق في وجه إمام جائر، ولا أعني بالإمام الجائر من يحكم العراق مباشرة، بل بالضبط أقصد به الولي الفقيه خامنئي الذي ضغط على زناد هذه المواقف الجديدة ضد مدينة أشرف في لقائه بالرئيس العراقي في 28 فبراير (شباط) الماضي، حيث طلب في صيغة أمر من الرئيس العراقي ومن رئيس وزراء العراق ـ الذي سماه بالاسم ـ تطبيق «الاتفاق الثنائي» بين البلدين بشأن مجاهدي أشرف. ولا يخفى أن هذه الاتفاقية الثنائية لم يسمع بها أحد، ولاشك أنه أشار إلى اتفاق سري بين الطرفين في هذا المجال.

لكنني في الوقت نفسه أستأذن الأستاذ الراشد للتعليق على مقاله ببعض الإيضاحات حول بعض ما بدر منه ولا يمكنني إلا أن أسميه زلة قلم، لأن الجواد أيضاً قد يكبو، كما يقول المثل.

نعم، ليس من حق النظام العراقي أن يبعد مجاهدي خلق من مدينة أشرف إلى مكان آخر في العراق. لأن هذه العملية انتهاك للقوانين الدولية، إلا إذا كانت عملية النقل برضى من ساكني هذه المدينة. فهم يتمتعون بمبدأ عدم النقل القسري (non ـ refoulement). نقل الأشخاص المحميين بحماية معاهدات جنيف لا يمكن نقلهم قسراً داخل البلد، كما لا يمكن نقلهم إلى بلد آخر إلا «بالتراضي»، كما جاء في المقال.

كما أنني لا أوافق الأستاذ بأن أفراد مجاهدي خلق «لم يعودوا يمثلون تهديداً بسبب تقدم العمر بهم». صحيح أن بعض أعضاء مجاهدي خلق في مدينة أشرف هم من المجاهدين الأوائل الذين دخلوا النضال في عهد الشاه ومرّوا بسجون الشاه، وهؤلاء هم الذين يعرفهم شخصياً كبار الملالي الحاكمين في إيران من أمثال خامنئي ورفسنجاني وجنتي و.. لكن هناك حقيقة أخرى أهم، وهي أن أعضاء مجاهدي خلق في أشرف يمثلون أربعة أجيال: جيل المناضلين في عهد الشاه الذين دخلوا ساحة النضال في الستينات وبداية السبعينات، فهؤلاء كنوز من تجربة النضال، الجيل الذي جاء إلى الساحة في نهاية السبعينات وكانوا روّاد الحركة الشعبية التي أدت إلى سقوط نظام الشاه. وجيل ثالث دخل الساحة بعد مجيء الملالي إلى السلطة، والجيل الرابع الذين نشأوا في النظام الجديد. وهذه التركيبة ونسبة كل جيل منها بشكل يمكن أن نقول إنهم يمثلون المجتمع الإيراني بكامله.

ويجب أن نركّز على نقطة أخرى وهي موقع النساء في مدينة أشرف، حيث إنهن يشكّلن حوالي ألف من ساكني أشرف. والمهم أن النساء يتولين قيادة مجاهدي خلق في أشرف، وقيادة مجاهدي خلق في كل مكان. وهذه ميزة لا يمكن لنظام الملالي أن يفهمها أو أن يقبلها. لأن المرأة في عقلية الملالي نصف إنسان.

وإذا أردنا أن نعرف مدى تهديد أو تحدي هؤلاء ـ أهالي مدينة أشرف ـ للنظام الإيراني، فأعتقد أن مجرد دخول خامنئي على هذا الخط بشكل علني له ما يكفي من دلالة. لأنه كان يتجنّب خلال الأعوام الماضية أن يتكلم شخصياً عن مجاهدي خلق. فما هو السبب لدخوله بهذا الشكل ومطالبته المسؤولين العراقيين بـ«الوفاء بالوعد» في تضييق الخناق على ساكني مدينة أشرف؟ إن مسؤولي النظام قالوا عدة مرات بأن مجاهدي خلق بدون سلاح أخطر منهم مسلحين!

ويكفى أن نشير إلى ما تحقق في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، حيث أعلن عن توقيع ثلاثة ملايين شيعي عراقي ضد نظام الملالي، وتأييد مجاهدي خلق ووجودهم في العراق. وإذا نظرنا إلى أن خامنئي قد أعلن رسمياً قبل سنوات أنه مرجع ديني لا للشيعة داخل إيران، بل للشيعة خارج إيران، ينجلي جيداً ما حل بخامنئي وولايته.

وأريد أن أنقل كلاماً عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس العموم البريطاني، السيد ماك جيبس، حيث قال بعد عودته من إيران «في اي اجتماع دخلنا مع الإيرانيين فإنهم كانوا يتكلمون عن مجاهدي خلق وقد أصابتنا الدوخة من هذا التكرار».

* رئيس لجنة الشؤون القضائية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية