افتح يا سمسم!

TT

في الأسواق المالية دائما ما توجه الأنظار إلى ما ستقوم بعمله الصناديق السيادية أو صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي، وذلك لأنها صاحبة الثقل المالي الأهم، وتقرر الاتجاهات الاستثمارية ذات المدى الطويل.

وفي العالم العربي لا تزال هذه الصناديق مليئة بالغموض وغير معروف فلسفتها الاستثمارية ولا الطريقة والكيفية التي تتخذ فيها قرارات الاستثمار والتي في كثير من الأحيان تكون مبنية على المجاملة أو الإحراج أو الإجبار. وتغيب آلية الشفافية والإفصاح وبالتالي المحاسبة على الأداء لتقييم عوائد هذه الصناديق، وتلك المؤسسات المالية العامة الكبرى تدار أحيانا بطريقة تقليدية رتيبة جدا، وذلك بدلا من أن يترأسها ماليون محترفون من خلفيات مؤسسة على المعايير والمقاييس العالمية المعروفة. سجل الأداء والعوائد لتلك الصناديق غير معروفة و«أسباب» اختيار القرارات الاستثمارية و«أنواع» الاستثمارات تحديدا يبقى لغزا ومسألة مجهولة.

وفي الأردن هناك حديث مثير تم فتح سجاله عن توجهات وأهداف الخطة الاستثمارية للضمان الاجتماعي، ويجري الكلام وبجرأة وتعمق عن جدوى بعض القرارات الجدلية التي تم أخذها، وما إذا كان فيها شبهة الفساد أو المحاباة والمحسوبية ومصالح أخرى. ويأتي هذا التوجه والانفتاح بعد أن تبوأ المنصب التنفيذي الأهم فيها وتحديدا رئاسة هيئة إدارة الوحدة الاستثمارية السيد فارس شرف وهو شخصية كفؤة ومؤهلة ولديها الخبرة والجدارة المطلوبة بحيث أعطى المنصب الثقل المطلوب، وانفتح على الإعلام والرأي العام يوضح ويدافع عن الأسئلة المطروحة والاتهامات المطلقة بشكل عقلاني وسوي ومتوازن. ولعل ما حدث في الأردن يكون «مقدمة» مطلوبة لأن تحدث في كافة الصناديق المماثلة في العالم العربي والتي لا تزال «صناديق سوداء» لا أحد يعلم الداخل فيها والخارج منها.

والذاكرة لا تزال حية بما حدث من مراجعة جريئة وقوية للاستثمارات الخارجية الكويتية خلال حقبة الثمانينات والتسعينات الميلادية من القرن الماضي، والتي ظهرت فيها بعض التجاوزات الإدارية والمجاملات الشخصية في قرارات الاستثمار وقرارات التعيين وغير ذلك.

وفي وسط هذا المناخ لا بد أن يكون المدخل لذلك كله هو مبدأ الحكم الرشيد والمطبق في منظومات الشركات المساهمة العامة والتي يطلق عليها مسمى لفظ «حوكمة الشركات»، والهدف منها حماية القرارات الاستثمارية والمالية وتقنينها بأصول وأنظمة وأعراف وقوانين تجعل من الأهواء والميول والمآرب والنوايا مسألة محددة وشديدة التقنين.

الصناديق الاستثمارية العامة بكافة مسمياتها هي أمانة أولا وأخيرا وإعادة النظر في أسلوب إدارتها باتت مسألة في غاية الأهمية، لأن أجيال المستقبل تنتظر عوائد كريمة لاستثمارات مسؤولة تحصد مداخيل اليوم لثروات الغد. وهذا لن يتأتى إلا بإعادة النظر بشكل كامل في أسلوب العمل الحاصل في صناديق الاستثمار العامة اليوم.

[email protected]