المالكي كفانا عناء الرد

TT

كفانا رئيس الوزراء العراقي عناء الرد على سيل من الشتائم والطعن والتخوين، التي انطلقت تهاجم فقط لأننا استنكرنا الطريقة التهديدية التي استخدمها رئيس الوزراء ضد من سماهم «دول الجوار». فقد قال السيد نوري المالكي الأسبوع الماضي، مخاطبا «دول الجوار» أمام تجمع لشيوخ عشائر ببغداد «أوقفوا الذين يتسببون بالأذى للعراق حتى لا يكون العراق مضطرا للدفاع عن نفسه».

وأول من أمس، أصدر السيد المالكي بيانا تراجعيا، أو تصحيحيا، تجاه دول الجوار، جاء فيه «نحن حريصون على تقوية علاقاتنا مع دول الجوار، وقد شهد العراق مؤخرا إقبالا من قبل العديد من الدول التي قامت بفتح سفاراتها والإعلان عن رغبتها في المشاركة في عملية البناء والإعمار». وأوضح أن سياسة العراق «هي تعميق العلاقات الإيجابية مع جميع الدول، ونعمل على حل المشاكل التي تسبب بها النظام السابق، وإقامة علاقات طيبة معها على أساس المصالح المشتركة».

وهذا هو المطلوب، والمؤمل، وهذا ما يجعل هناك فرقا بين عراق اليوم، وعراق النظام البائد، فلغة التهديد لن تحرك ملفات، أو تغير مواقف، بل إنها تزيد الأمور تعقيدا.

ماكينة الشتائم التي انطلقت منذ الأسبوع الماضي، ومن مواقع معروفة، تعقيبا على المقال السابق بعنوان (المالكي.. لا يوجد «دول جوار» على الخارطة) تم شحنها بالطائفية والتطرف، لا بلغة العقل وفهم المصالح المشتركة لدول المنطقة.

فعندما تستقر بغداد، ففي ذلك مصلحة لجميع الدول المحيطة، التي ليس لها مطامع في بلاد الرافدين. فلا يعقل أن تستنفر الدول العربية المحيطة بالعراق، وتحديدا الخليجية، كل طاقاتها للتصدي للإرهاب الذي كلفها الكثير أمنيا واقتصاديا وسياسيا، وتسمح به في العراق. فإذا استقر الجار سلمت الدار، هذا هو منطق الدول العربية الحريصة على التضامن العربي، في سعيها للمصالحة بالعراق من أجل ضمان أن لا يكون العراق دولة هامشية، أو منقسمة، تصدر لنا الإرهاب والمشاكل.

بيان السيد المالكي مهم، ويستحق التقدير، لأن السياسة لغة منطق ومصالح، لا لغة تهديد، والعراق دولة عربية مهما قيل، وقيمة العراق ليست بطائفة واحدة، بل قيمته بسنته وشيعته، وأكراده ومسيحييه، وكل مواطن فيه مهما كانت ديانته.

بلا شك هناك مشاكل عالقة بين العراق وكثير من الدول المحيطة به، لكن الأهم هو أن يكون هناك تواصل من أجل بناء الثقة بين جميع الأطراف، وآلية لحل المشاكل تقوم على الاحترام، وتهدف إلى استقرار منطقتنا. وإذا ما تم ذلك، وبروح البيان الموسوم بختم السيد المالكي، فعندها سنتيقن أننا طوينا صفحة التهديد والتعالي، التي قال عنها السيد المالكي في بيانه، إن العراق «يعمل على حل المشاكل التي تسبب بها النظام السابق».

أما الأصوات التي انطلقت بالشتائم والاتهام، فنقول لهم ليت غيرتكم على العراق تكون بحجم غيرتكم على إيران!

[email protected]