لقد تحركت الشفتان بما فيه الكفاية!

TT

ذهبنا إلى مسجد الرفاعي لنصلي.. فقد ماتت الملكة فريدة ملكة مصر. وما تبقى من أسرة محمد علي جاءوا للعزاء والصلاة.. أو جاءوا ليقولوا، ويسمعوا، ويظهروا أمام الكاميرات..

ووقفنا صفا واحدا. وأحد رجال المسجد يوجهنا يمينا وشمالا، ولا أحد يعرف بالضبط ماذا يتمتم به الناس.. ولكن لابد أنهم يقرأون آيات من القرآن الكريم، ويترحمون على الفقيدة، ويدعون لأنفسهم ولها بالرحمة والجنة..

ولاحظت أن الملك أحمد فؤاد لا يقول شيئا، فقلت له «إذا لم تكن تحفظ شيئا، فافتح شفتيك وحركهما، كأنك تقول..».

وسألني أحد أفراد الأسرة المالكة السابقة «هل الفاتحة لا تكفي..؟»

قلت «تكفي..».

قال «ولكن ألاحظ أنهم جميعا لم يتوقفوا عن تحريك شفاههم، فهل تقرأون الفاتحة كذا مرة؟؟».

قلت «نعم..».

قال «إذن..».

قلت «ولا حاجة، اقرأ الفاتحة مرة، وعشرين.. وربنا كبير..».

قلت لها «سمو الأميرة.. كان فيه اتفاق بيني وبين الملكة أن اكتب مذكراتها، فقد كانت لديها رغبة قوية في الدفاع عن زوجها الملك فاروق. وهي لم تكرهه في أية لحظة، ولكن حماتها الملكة نازلي، وحاشيتها السوء، هما اللتان أفسدتا ما بين فريدة وفاروق..».

وقلت لها «أنا قابلت الملكة نازلي في أمريكا سنة 1959. وشكت لي من الهجوم عليها، ومن الأحاديث الكاذبة.. ومن أنها عاجزة عن تبرئة نفسها من كل هذه التهم، وخصوصا ما قيل عن علاقتها بالملكة فريدة..»، فقالت الأميرة، التي لا تحب أن أذكر اسمها، فهي تعيش في عزلة هادئة، وفي آخر أيامها «ماما كاذبة، وفريدة على حق..».

ولم أكتب سطرا واحدا مما دار بيني وبين الملكة نازلي، فقد وعدتها وأقسمت ألا أنشر على لسانها شيئا. وهذا ما فعلت.