ما لا نتحدث عنه

TT

مضت ثلاثة أشهر منذ حفل التنصيب التاريخي الذي حظي به الرئيس أوباما وبدأ الأميركيون في تناسي أن أول رئيس أسود للبلاد هو ـ في واقع الأمر ـ أسود. وربما يكون هناك أمل لنا مع ذلك. وخلال تلك الفترة، كان هناك الكثير من التعليقات التي تم تداولها عن الرئيس أوباما والتي كانت متناقضة إلى حد بعيد، ومنها أنه: نسمة الهواء المنعشة، والليبرالي المتشدد، والمعتدل إلى حد بالغ، ومفرط الكرم مع البنوك، وهو الاشتراكي الكسول، ومستعيد هيبة الدولة، ودافع البلاد إلى الهلاك، لكن المدهش حقا ألا يأتي ذكر العرق بين ذلك كقضية أو حتى كصفة. وهو أمر طبيعي لأن العرق لا يمت بصلة لذلك الكم الكبير من المشكلات التي يغالبها أوباما كل يوم. ومراقبة أوباما خلال عمله، كحديثه مع المديرين التنفيذيين لشركة جنرال موتورز أو تبادله الأحاديث القصيرة مع الملكة إليزابيث في قصر باكنغهام.

وقد أثار إريك هولدر، أول مدعي عام من أصول أفريقية ذلك الموضوع في فبراير (شباط) عندما قال: «إننا أمة من الجبناء في ترددنا في الحديث بصراحة إلى بعضنا البعض عن العرق». ولم تلق باقي كلمته التي احتفى فيها بالتقدم الكبير الذي حققناه في قضايا العنصرية المزيد من الاهتمام. بيد أنه أبدى انزعاجه من الطريقة التي ننعزل بها عن بعضنا البعض في حياتنا الخاصة، وقال: «على الرغم من النضال الذي خاضته أمتنا خلال الصراع من أجل الحقوق المدنية، يصعب علي قبول أن تكون نتائج تلك الجهود خلق أميركا أكثر ثراء وأكثر وعيا تجاه العرق لكنها مع ذلك منقسمة اجتماعيا بصورة اختيارية».

كان هولدر صائبا في دعوته لحوار صريح ذي معنى عن الأعراق في هذه الدولة وأتمنى أن أكون على يقين من حدوث شيء كهذا، لكنني أشك في إمكانية حدوثه، فالأشخاص الذين يبدون ارتياحهم بالحديث عن الأعراق ليسوا بحاجة إلى التشجيع، أما أولئك الذين يشعرون بالخوف من الأمر فسوف يجدون الطرق التي تمكنهم من التعبير عن آرائهم. ودائما ما تعمد صحفنا الكبرى إلى نشر دراسات مطولة عن قضايا العرق في الولايات المتحدة والتي دائما ما تتسم بالإغراق في التفاصيل وجودة الكتابة والتقديم الجيد، وقد سعدت بالاشتراك في بعض منها. والحقيقة هي أننا كنا نعجب بهذه المقالات أكثر من قراءتها.

من الواضح أن التاريخ سيتذكر إنجاز أوباما التاريخي كأول رئيس أسود، لكن كيف سيمكن الحكم عليه. سوف تقيم الأجيال المستقبلية فترته الرئاسية ليس على ضخامة تأثيره الرمزي بل على كيفية نجاح أوباما في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الأسوأ منذ الكساد الكبير، وربما كان الأكثر هو نجاحه أو فشله في وضع الدولة في مسار أكثر تقدما وحداثة عبر مبادراته في مجال الرعاية الصحية والطاقة والتعليم. ذلك رئيس ليس لديه مصلحة في الترؤس ببساطة، إنه يهدف للقيادة.

إن أوباما لا يملك أي خيار بالنظر إلى الظروف التي ورثها، فصناعة السيارات يجب إعادة هيكلتها. ويجب أن تستحث البنوك أو أن تؤمر بأن تبدأ الإقراض مرة أخرى. والكوريون الشماليون أطلقوا صاروخا بعيد المدى، كما أن باكستان تتعرض للهجوم من الداخل. ولا أحد لديه الوقت من أجل الرمزية.

إننا نركز على قدرة أوباما وليس على اللون، ولأننا نقوم بذلك، فإننا أمة عظيمة.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»