الإخوان.. والشيعة

TT

جدل الإخوان المسلمين لا ينتهي، فكلما هدأت عاصفة هبت الأخرى. آخر التقليعات الجدال الدائر بين قيادات حركة الإخوان المصرية، داخليا وخارجيا، سياسيين أو ماليين، حول الموقف من الشيعة.

من يقرأ تصريحات المرشد مهدي عاكف في صحيفتنا يوم أمس يبدو له أن مرشد الإخوان رجل متسامح، والبقية الباقية من العالم العربي طائفيون متعصبون، وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق. فالجدال ليس حول المذهب الشيعي، أو الشيعة في العالم العربي، بل إن الجدال هو حول تمدد النفوذ الإيراني داخل الدول العربية، وتمادي إيران في تصدير ثورتها لنا تحت ما يعرف بالتشيع السياسي.. هذا هو موطن الخلل.

فالمواطنون الشيعة العرب هم إخواننا، وتخوينهم خطيئة، ومن الخطأ حتى وضعهم موضع نقاش من هذا القبيل، وهذا ليس تطييبا للخواطر، بل هذه الحقيقة، فما يجمع أو يفرق بين أبناء الوطن الواحد هو مدى انتمائهم لأوطانهم وتغليبهم لمصلحة البلاد، ففي قضية خلية حزب الله، مثلا، كان بعض الإخوان المسلمين أكثر خطورة على مصر من غيرهم.

وفي إيران نفسها من هم ضد نظام الملالي، وضد نظام الولي الفقيه، يقمعون ويزج بهم إلى السجون، وتغلق صحفهم، ومكاتبهم بشكل منتظم، ومن أبناء الثورة الإيرانية الذين شاركوا في الثورة نفسها من تحولوا إلى إصلاحيين يقفون ضد النظام الذي ساهموا في نشأته. ونرى اليوم مرشحين إيرانيين من الإصلاحيين، وحتى بعض المحافظين، للانتخابات الرئاسية الإيرانية، يهاجمون سياسة بلادهم، ويقولون إنها عزلتهم عن العالم، وإن ما يفعله نجاد يعرض بلادهم للخطر، وبعد ذلك يخرج لنا الإخوان ليقولوا إن القصة كلها سنة وشيعة.

ولا يخفى على الجميع أن بيننا نحن السنة من هم خطر علينا، ففي السعودية مثلا هناك تنظيم القاعدة الذي يشكل خطورة حقيقية، وفي مصر بعض قيادات الإخوان أنفسهم يعتبرون خطرا حقيقيا على أمن مصر، فمن أجل مناكفة النظام هناك، يتم التبرك بحزب الله وزعيمه بن نصر الله، الذي يمثل كارثة على لبنان وأمنه واستقراره.

الأمر المرفوض الذي يحاول «الإخوان المسلمون» تشتيت الأنظار عنه هو السعي إلى زعزعة استقرارنا باسم المقاومة، ونصرة القضية الفلسطينية، ولذا فالقضية ليست قضية سنة وشيعة كما يصورها المرشد، بل قضية التلاعب بأمننا. فالسيد عاكف يقول إن حزب الله جاء إلى مصر لمساعدة المحاصرين في غزة، وما نذكره لحزب الله هو حمله السلاح واحتلاله بيروت، وهذا ليس كل شيء، فها هو الرئيس السوري يقول في الحوار الذي نشرناه أمس إن حماس وحزب الله لن يهاجما إسرائيل من سورية، علما أن دمشق حليفة لإيران وحزب الله، فأين مرشد الإخوان من هذا، أم أنه حلال في مصر ولبنان، وحرام بدمشق؟ أمر لا يستقيم بالطبع، فإسرائيل لا تحتل أراضي مصرية، بل إنها تحتل الجولان السوري.

وبدلا من أن يحاول مرشد الإخوان الظهور بمظهر المتسامح طائفيا، والمتشدد سياسيا، فأين هو من إشادة الإسرائيليين بحماس لأنها تضبط أمن الحدود؟

[email protected]