حديثا بشار ونجاد للغرب لا للعرب

TT

تمنيت وأنا اقرأ اليوم حديث الرئيس السوري بشار الأسد للإعلام الغربي أنه كان موجها أيضا للعرب، لمنطقه ووضوحه ورسائله السياسية. كما تمنيت وأنا أشاهد حديث الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمحطة أي بي سي التلفزيونية الأميركية البارحة أنه يذاع أيضا للعرب والإيرانيين، للأسباب الثلاثة نفسها.

الرؤساء، أو لنقل معظمهم، يظهرون على وسائل الإعلام لغرض محدد وليس من قبيل الحديث وإثارة النقاش. عادة المقابلات الصحافية جزء من مشروع وليست هدفا في حد ذاته، ومن المؤكد أن الحديثين ظهرا لغرض ما. فما الغرض من الحديثين؟ هل هو إعلان عن سياسة جديدة تريد التصالح بين كل من دمشق وواشنطن، وطهران وواشنطن، أم أنها جزء من محاولة إقناع تريد اجتذاب الرئيس الأميركي الجديد الذي أمضى فقط مائة يوم في الرئاسة؟ الفترة التي تعتبر امتحانا مبدئيا، وقد حقق خلالها رضا شعبيا كبيرا في الولايات المتحدة وحتى في أنحاء العالم، وفق نتائج العديد من الاستطلاعات. إذاً نحن أمام رئيس شعبي لا قوي فقط، ومن المهم أن تكسبه كل دولة إلى صفها.

مخاطبة الإعلام الأميركي من قبل الرئيس الأسد، وكذلك الرئيس نجاد، في هذا الوقت يجعلنا نعيد قراءة الحديثين وندقق جيدا بما يتفق مع الظروف الجديدة، وكما قال الرئيس نجاد إن المتغيرات الأخيرة دفعته لإعادة تقديم حزمة الموضوعات التفاوضية دون أن يبين كنهها. الذي تمنيته أن تكون الرسالة واللغة ذاتها موجهة إلينا أيضا كعرب وأهل منطقة، لأنني أجزم أنها ستجد قبولا كبيرا في صف العرب والإيرانيين لا الأميركيين وحدهم. اللغة التصالحية التي طبعت الحديثين تختلف عن لغة الإعلام الرسمي السوري والإيراني المليئين بالوعيد والانتقاد المفرط.

نحن ندرك أن للحديث غرضا ربما هو إقناع الرأي العام الغربي واستمالته، أو ربما الوصول إلى عقل الرئيس أوباما دون وساطة وزراء ومبعوثين، حيث من المؤكد أنه سيطالع الحديثين. لكن التخاطب معنا في العالم العربي يجب أن يكون على نفس المستوى الإيجابي إن كانت الرسالة هي إيجابية، لأنه عندما يذاع الحديث في واشنطن لا يمنع الدبلوماسيين والمعلقين من تحري ونقل ما يقال حقيقة على الأرض، الذي هو في واقع الأمر مختلف تماما عن خطاب الرئيس. وبالتالي فإنها مهمة لا تفلح كثيرا إذا كانت مجرد مشروع علاقات عامة خارجية. وفي بعض الأحيان تتحول إلى مشروع سلبي لأنها تثير الصحافة فتحفزها على التحقيق أكثر عمقا في الموضوع، وتثير الجدل المعارض. لكن عندما تكون ضمن سياسة تعتمد لغة واحدة وتوجه إلى الإنسان المحلي مع الأجنبي تعطيها مصداقية. ومشكلة الغرب مع العرب، كما فهمتها لسنوات مع دول المنطقة، هي المصداقية فما يقال علنا أحيانا يناقض بشكل صارخ ما يحكى به في المجالس الخاصة المعنية بصنع القرار. والنتيجة أننا في حالة شك كبيرة أكثر من كونه خلافا سياسيا رغم أهمية الخلافات. هناك شك في نوايا هذه الدول مما يجعل الأطراف الفاعلة تحاول التثبت من صحة ما يعلن والتفتيش عما يخفى.

[email protected]