تذاكر مجانية لرؤية أحادية!

TT

تربطني صداقات ببعض مسؤولي وموظفي الخطوط السعودية، وجلهم لا يعرف وسيلة للسفر منذ سنوات غير طائرات الخطوط السعودية، التي أمّنت لهم السفر المجاني، أو شبه المجاني إلى كل نقطة تصلها في الداخل والخارج، فإذا تحدث الناس عن الخطوط الإماراتية، أو القطرية، أو المصرية، أو أية خطوط في الدنيا، لاذ هؤلاء بالصمت إن لم يتعصبوا لخطوطهم، ولهم الحق في ذلك، فهم منذ عشرات السنين لم تضطرهم الظروف للتعامل مع غيرها، عكس حالنا تماما، فرغم إيثارنا التعامل مع الخطوط السعودية كناقل وطني، إلا أن ظروف الحجز، أو مواعيد المغادرة والوصول تضطرنا إلى التعامل مع خطوط الطيران الأخرى أحيانا، وبالتالي يمكن لنا أن ندرك أكثر من موظفي الخطوط السعودية مقدار التطور، الذي تحقق للكثير من خطوط الطيران الأخرى، ومستويات الخدمة، ومستجداتها، ومثل هذه المعرفة أخالها ضرورة لمسؤولي الخطوط السعودية، إذ تمكنهم من تقييم، وقياس وضع خطوطهم، مقارنة بالشركات الأخرى، فالمقارنة بوابة لأي تطوير، ومدخل لأي تغيير، فالذي يركض وحيدا يتملكه اليقين بأنه الأول دائما.

فإذا كانت التذاكر المجانية، أو شبه المجانية لموظفي الخطوط تقليدا متبعا في معظم شركات النقل الجوي، إلا أن انعكاساتها السلبية تتمثل في تضييق فرص التعرف على جهود المنافسين، وبالتالي الانغلاق على الذات، والبعد عن أجواء المقارنة، والمنافسة، ولدي ثقة بأن شركات الطيران الكبرى لا بد أن لديها وسائل للتغلب على هذه الإشكالية، برصد مستويات الخدمة لدى المنافسين، وقياس مواقعهم مقارنة بالآخرين، فالذي لا يخرج من حدود مدينته ـ كمثال ـ قد يرى أن مدينته ـ مهما كانت درجة تواضعها ـ تختزل كل العالم بهاء، وجمالا، ومدنية، وكذلك الحال بالنسبة لموظف أية خطوط طيران لم يعتد أن يسافر على غيرها.

وكرجل كثير الأسفار، تربطه مع الخطوط السعودية ذكريات من أزمنة بعيدة، منذ أن كان مضيف الطائرة يوزع قطعة قطن لكل راكب، لكي يخفف من ضوضاء محركات الطائرة في الداخل، مرورا بالتطورات الكبيرة التي شهدتها الخطوط السعودية في بعض مراحلها، ووصولا إلى اللحظة الحاضرة، التي تشتعل فيها المنافسة على أشدها بين شركات الطيران، ويتعالى لهاث الركض، أجدني من مقاعد المتفرجين أتأمل سباق الركض، وأحزن أن لا تكون «رابحة» في المقدمة.

[email protected]