بلد ممل

TT

بلد ممل. هذا هو، للاختصار، وصف هذا البلد. أما في التفاصيل فالملل شديد وعام. لا سياسة فيه ولا مظاهرات ولا انتخابات يخسر فيها كرام القوم: حسين الحسيني وجان عبيد ونسيب لحود. وعناوين الصحف تقريبا لا تتغير: 10 مليارات لجامعة الدراسات العليا. و10 مليارات للأبحاث. و10 مليارات لجامعة البنات. وزراعة هنا وصناعة هناك. ومستشفيات جديدة. ملل ملل ملل. كل يوم كم مريضا عالجت مؤسسة الأمير سلطان الخيرية. كم حصلت جمعية الأمير سلمان من تبرعات لفلسطين. أخبار عادية. تصور، هذا النهار، أهم عنوان هو تبرع الأمير سطام بن عبد العزيز بأعضائه بعد الوفاة. نائب أمير الرياض يعلن ذلك في حفل جمعية الأمير فهد بن سلمان للعناية بأمراض الفشل الكلوي التي يرأسها عبد العزيز بن سلمان. جمعيات جمعيات جمعيات. بدل أن يحدثنا عبد العزيز بن سلمان عن وضع النفط، حيث أمضى 20 عاما، ينصرف إلى الاهتمام بالمرضى. بلد ممل. منذ أسابيع ولا جديد. كل يوم تتوافد الناس على نايف بن عبد العزيز لكي تهنئه بالمسؤولية الإضافية. كل يوم نفس الكلام: رجل الأمن الوطني وحارس السلامة. وبعدين؟ أين المظاهرات.

كل يوم الأخبار ذاتها. الناس، جميع الناس، قلبها على سلطان بن عبد العزيز. وبدل أن ينزلوا هاتفين «بالروح بالدم»، يضرعون في المساجد. ويملأون الصحف بتهاني السلامة. ملل. بدل تلك المشاهد المطمئنة والجميلة لهتافي «بالروح بالدم» هناك فرقة موسيقية شبابية تعد أغنية لعودة الأمير سلطان من رحلة العلاج الطويلة: قلوبنا معك وقلوبنا عندك وأهلا بنسيم عودتك.

كلام عادي، لا هتاف فيه. يطق الصحافي في هذا البلد من الملل. مؤسسة خيرية خلف أخرى. الآن مؤسسة عبد العزيز بن فهد. ومكتبة عبد العزيز بن فهد. وقصائد في الصحف تشكر وتدعو. ملل. لا سياسة ولا انتخابات ولا خلافات ولا شيء من نضال الجنرال ميشال عون ضد الرئيس نبيه بري. ولا كلمات نابية تخرجنا من حالة الملل هذه. منذ شهر وأنا أشعر بحنين شديد إلى لبنان: لا كلمة واحدة عن مؤسسة خيرية. لا كلمة عن عمل خيري. شعب عظيم لا يعمل إلا في السياسة. يأكل سياسة وينام على سياسة ويفيق على سياسييه. بلد مسلّ مليء بالمفاجآت الفارغة وغارق في الانتخابات. وحتى قبل إجرائها خرج من المجلس حسين الحسيني وجان عبيد ونسيب لحود. بلد مسلّ وشعب لذيذ.