الآن.. صور غوانتانامو

TT

صور التعذيب الفظيعة والمهينة في سجن أبو غريب العراقي ستعود لتثير ضجة جديدة قد لا تكون بحجم ودوي ما أثارته لدى ظهورها للمرة الأولى عام 2004، لكنها بالتأكيد لن تمر بشكل هادئ.

ستظهر مشاهد إضافية تثبت أن ما تعرض له السجناء من سوء معاملة هو أعنف مما تم الإعلان عنه سابقا، وأن تلك الارتكابات لم تكن مجرد أخطاء فردية وإنما ممارسات انتشرت وتجاوزت جدران سجن أبو غريب.

الصور المنتظرة ستصبح في المتناول بعد أن وافق الرئيس الأميركي باراك أوباما على نشرها، وهي تظهر مزيدا من الإساءات الأميركية، في سجون العراق وأفغانستان ومعتقل غوانتانامو الذي تنشر صوره للمرة الأولى، إبان إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

إنها حلقة جديدة في سلسلة الفضائح التي كرّت عقب الحرب الأميركية على العراق، والتي أظهرت المدى الذي انحدرت إليه الديمقراطية ودولة القانون عن سويتهما المفترضة سواء في الأهداف أو الأساليب في تلك الحقبة. لكن اليوم تأخذ القضية بعدا آخر يتعلق بالمحاسبة والمساءلة، وإن بدا جليا أنها لا تزال محاسبة منقوصة.

نشر تلك الصور سيتم أواخر شهر مايو (أيار) المقبل وهو يأتي استجابة لدعوى قضائية كانت قد رفعتها جمعية «اتحاد الحريات المدنية الأميركية» منذ مدة طويلة ما أجبر وزارة الدفاع الأميركية على الإذعان والقبول بنشر الصور.

قانونيا وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن أميركا ملزمة بمحاكمة المسؤولين في إدارة بوش، الذين صاغوا سياسة تعذيب المعتقلين وصادقوا على استخدام أساليب قاسية في استجواب أسرى ما سمي بـ«الحرب على الإرهاب». وكان الرئيس أوباما قد فتح الباب أمام إمكان محاكمة المسؤولين الحكوميين السابقين المسؤولين عن شرعنة التعذيب، لكنه وفرّ حماية قانونية لضباط وكالة الاستخبارات المركزية، وهو ما أثار تساؤلات وانتقادات من قبل ناشطين وحقوقيين كانوا يتطلعون إلى أن تحاسب الإدارة الجديدة من ارتكبوا في الإدارة السابقة ممارسات ضربت صورة الولايات المتحدة وأساءت لمن تعرضوا لتلك الممارسات.

إذا، إنه وقت المحاسبة القانونية أو على الأقل هذا ما نفترضه.

ولكن لنعود مجددا إلى وظيفة الإعلام والصورة كجزء من مجتمع مدني في بيئة قانونية تتيح لهذه الوظيفة أدوارا وتمكنها من أن تكون رقيبا ومصوبا للأداء الرسمي.

مرة جديدة سيتولى الإعلام الأميركي إدانة نظامه.

حرية الإعلام لا يمكن أن تغرد لوحدها، ولا يمكن أن تكون فعالة إذا لم تكن جزءا من نظام حرية وعدالة متكاملين.

هذه الصور التي ستنشر في الإعلام قريبا ستوقظ مجددا «الممانعين» في أروقة مجتمعاتنا على مادة جديدة لكراهية أميركا، غير مدركين أن أميركا التي ارتكبت أفعالا شنيعة هي نفسها من كشف لهم انتهاكات أبو غريب وباغرام وغوانتانامو. لهذه المعادلة قيمة كبيرة لا يستبطنها هؤلاء في صورتهم عن الغرب.

فمتى يتاح لصحافتنا كشف ما في سجوننا من أسرار وصور، قبل أن نطمح بالمحاسبة؟!

diana@ asharqalawsat.com