اختيار بالين الشخصي

TT

أود أن أشكر سارة بالين على شجاعتها في توضيح أهمية حق المرأة في الاختيار. بل وكانت حاكمة ألاسكا أكثر شجاعة، حيث قدمت حجتها البليغة لاختيارها في حفل جمع تبرعات من أجل الحق في الحياة. وبالطبع لم تكن بالين تنوي أن تكشف أنها فكرت في لحظة ما أن تجري عملية إجهاض. في الحقيقة لقد كان ذلك مرتين، الأولى عندما اكتشفت أنها ستكون أما من جديد في عمر 44 عاما، ثم بعدها بعدة أسابيع عندما اكتشفت أن ابنها مصاب بمتلازمة داون.

وسأذكر نص ما قالته بالين كله لأنني أريد أن يرى القراء أنني لا أخرج ملاحظاتها عن السياق، بل لأن قصة اختيارها المؤلم بما إذا كانت «ستغير الظروف» مثيرة للاهتمام وحقيقية. وبدلا من كاريكاتير تينا فاي، نرى امرأة من لحم ودم خضعت معتقداتها الأخلاقية إلى اختبار واقعي:

«لقد اكتشفت أني حامل عندما كنت خارج الولاية، في مؤتمر عن البترول والبنزين. وبينما كنت خارج الولاية، كانت هناك لحظة سريعة، حسنا أعرف أنه لا أحد يعرفني هنا، ولن يعرف أحد على الإطلاق. وفكرت، أنه أمر سهل، وربما يكون من السهل محاولة تغيير الأوضاع. ولن يعرف أحد، لن يعرف أحد على الإطلاق. وعندما ظهرت نتائج تحاليل السائل المحيط بالجنين، كان هناك شيء غير طبيعي. يا إلهي، تفهمت للحظات خاطفة لماذا يعتقد البعض أنه من الممكن تغيير تلك الظروف. لتدعيها تمر فقط وتستعيدي حياتك العادية. لتعتني بالأمر فقط. ولأنه في تلك المرحلة كان طبيبي فقط يعرف النتائج، فلم يكن تود (زوجها) ذاته قد عرف. لم يكن أحد ليعرف بالأمر. ولكني أعرفه. أولا، فكرت كيف يمكن أن نجري تغييرا بمثل هذا الحجم. لقد كنت حاكمة مشغولة للغاية ولدي أربعة أبناء وزوج له عمل على بعد مئات الأميال في حقول البترول الشمالية. وحسنا، أعرف أنه ستوجه لي انتقادات. بالإضافة إلى أنني كبيرة السن..».

«لذا مررت ببعض الأشياء في العام الماضي تجعلني أتفهم الآن ما يدفع امرأة أو فتاة إلى محاولة تجاوز الأمر كله إذا كانت تحت تأثير المجتمع والاعتقاد بأنها ليست قوية أو ذكية أو مستعدة بما يكفي لتترك الطفل يخرج إلى الحياة. وأتفهم ما يمر به هؤلاء السيدات والفتيات في تلك العملية الفكرية».

وبالطبع إذا كان الأمر يرجع إلى بالين، لم تكن السيدات ليمررن بهذه الأفكار ليتجاوزنها. «القرار الجيد هو اختيار الحياة» على حد قولها، وهذا ليس قرارا على الإطلاق، لأن الإجهاض ليس خيارا.

إنها ليست نقطة معقدة على نحو خاص، ولكن يبدو أن بالين لم تكن فطنة بشأنها. وفي المؤتمر الجمهوري في الصيف الماضي، عندما أصدر الزوجان بالين بيانا عن حمل ابنتيهما: «نحن فخورون بقرار بريستول للاحتفاظ بطفلها». لمرة أخرى، لم يكن ليصبح هناك قرار على الإطلاق. إن الإجهاض غير قانوني إلا في حالة إنقاذ حياة الأم.

أحترم قرار بالين بعدم «تجاوز الأمر». وهي تصف شكوكها حول ما إذا كانت تملك القوة والصبر للتعامل مع طفل مصاب بمتلازمة داون، وحب الأم الشديد، وهي النعمة الخاصة التي جلبها تريغ إلى حياتها. وهي تتحدث كشخص واثق من اتخاذه الاختيار الصحيح. بالنسبة لها. في الحقيقة، تلجأ غالبية عظمى من الأزواج إلى اختيار إنهاء الحمل عندما تكشف التحاليل عن وجود عيوب شديدة. وفي حالات الإصابة بمتلازمة داون، يرتفع معدل الإجهاض إلى 90 في المائة.

وبالنسبة لمن هم أقل يقينا، أو مستعدين لتوجيه الآخرين، متى تبدأ الحياة ومتى يكون من المسموح إنهاء الحمل، يقدم لنا خطاب بالين درسا مختلفا: الإجهاض قضية شخصية وخيار شخصي. فلا دخل للحكومة باتخاذ القرار الصعب بعيدا عن هؤلاء الذين يجب أن يعيشوا تبعاته.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»