صوت الطاوة

TT

الشعراء يلازمون المطربين، والمطربون يلازمون الشعراء. كذا كان الحال مع محمد عبد الوهاب وأحمد شوقي، وأم كلثوم وأحمد رامي. بيد أن مغنيا دعا شاعرا إلى بيته فغناه وعزف له طوال النهار ولم يطعمه بشيء. ومر النهار فالتفت المطرب للشاعر وقال، أي صوت آخر تريدني أن أسمعك؟ فقال: صوت المقلاة.

وكان هذا ما شعر به محمود غنيم الذي اشتهر بهجائه المازح ولا سيما عندما يتعلق الموضوع بالجوع والأكل. كان في زيارة لصديقه الشاعر الآخر محمود الخفيف وأبطأ هذا في إحضار الطعام حتى أهاج قريحة الغنيم فأنشد وقال بتورية ظريفة في الاسم:

أيها الشاعر جعنا هات لحما ورغيفا

واسقنا شايا ثقيلا لعن الله «الخفيفا!»

وفي مناسبة أخرى هاجم صديقا شاعرا آخر، محمد الأسمر، متهما إياه بالبخل:

صم إذا ما الضيف جاءك

وامنح الضيف عشاءك

واجعل الصوف غطاء الضيـــف

والسقف غطاءك

لا تصن زادك في الشورى وفي المريخ ماءك

يا صديقي قد فحصناك فكان البخل داءك

خذ نقيع الجود واشربه تجد فيــه دواءك

انت بالبخل مريض نسأل الله شفاءك

ما إن وصلت هذه الأبيات مسامع محمد الأسمر حتى انبرى ليرد عن مطبخه تهمة البخل متحديا صديقه بأبيات إخوانية ظريفة من ذات الوزن والقافية:

يا صديقي أنت في شعرك لم تلبس رداءك

يا كريم العصر ما أجمل في الجود ادعاءك

شد ما أبقيت شيطان قوافيك وراءك

قد عرفناك صغيرا و تبينا سخاءك

فاحمد الله على الستر ولا تكشــف غطاءك

صرت «محمودا» جديدا بعد ما داويت داءك

فأطال الله للجود الكلامي بقاءك

وبالأمس قال شاعر في رجل مسرف في بخله وحرصه:

لو عبر البحر بأمواجه في ليلة مظلمة باردة

وكفه مملوءة خردلا ما سقطت من كفه واحدة!

ومن طرائف ما قاله الشعراء هذان البيتان في وصف بخيل اسمه داود:

مطبخ داود في نظافته أشبه شيء بعرش بلقيس

ثياب طباخه إذا اتسخت أنقى بياضا من القراطيس

www.kishtainiat.blogspot.com