انتحاري سوري في العراق!

TT

قصة الانتحاري السوري الذي ألقي القبض عليه قبل أن يفجر نفسه في حشد من المصلين بحسينية الزهراء في مدينة كركوك أثناء صلاة الجمعة الماضية، تطرح من الأسئلة أكثر مما تجيب عنه، على الرغم من كشف هوية الانتحاري المفترض.

فالشاب السوري يبلغ من العمر 19 عاما، ووصل إلى العراق قبل عامين ونصف العام، أي وهو في سن السادسة عشرة والنصف تقريبا، وسبق أن تلقى تدريبات بحمص، قبل أن تلقي السلطات السورية القبض عليه أثناء مواجهتها مع المتطرفين.

وأبرز الأسئلة هنا هي كيف يلقى القبض عليه في دمشق، وينتهي بالعراق؟ وإذا حاولنا العودة إلى الوراء لمعرفة وقت اعتقاله بسورية فذلك يعني أنه إما تم اعتقاله على خلفية اعتداء الحي الدبلوماسي عام 2004، أو بعد ملاحقة عام 2006 في حمص!

فكيف اعتقل الشاب وأطلق سراحه بهذه السرعة، ووجد له مدخلا للعراق على الرغم من أنه شخص مشتبه به في دمشق؟ أمر محير لأن سورية دولة بمواصفات خاصة، والأمن فيها عقيدة وليس واجبا وطنيا.

والأمر الآخر هنا أن هناك خطرا متوقعا على سورية من إرهابييها في العراق إن هم عادوا إلى بلادهم، وهم أمر سيحدث عاجلا أم آجلا، فنهاية الإرهابيين دائما ما تكون على غرار الأفلام التقليدية التي يعود فيها المجرم إلى مسرح الجريمة، ففي فيلم الإرهاب لا بد أن يعود الإرهابي إلى بلده، وبالطبع لن يعود مقتنعا معتدلا، بل متعطشا لمزيد من الدماء. وبالتالي فإن خطر الإرهاب ما زال حاضرا وكبيرا على سورية وأمنها، فالإرهابيون لن يعدموا الأسباب التي تبرر في نظرهم القيام بأعمال إرهابية في أوطانهم، والقضية ليست قضية أين سيضربون، بل متى، وكيف؟

وعليه فإن قصة انتحاري كركوك يجب أن تكون مقلقة للسوريين أكثر من غيرهم في منطقتنا، فهي مؤشر على أن شر الإرهاب ما زال كامنا بالنسبة للسوريين، وهو أمر مرشح للانفجار ما لم يتم التعامل معه بوعي كاف.

والمقصود هنا وعي يقدر عواقب ارتداد الإرهابيين للداخل، فسورية هدف استراتيجي للإرهاب خصوصا إذا تذكرنا كتاب «التجربة السورية» لأبي مصعب السوري أحد أهم القيادات الأصولية والذي ينظر فيه للإرهاب في دمشق بشكل تفصيلي.

فمن يتابع أخبار الإرهاب في سورية يعتقد أنها قليلة، ولا تستحق القلق، لكن من يقوم بالبحث فسيفاجأ بحجم الأخبار المنتشرة هنا وهناك عن عمليات إرهابية، وملاحقات متفرقة تمت في غضون السنوات الأربع الأخيرة.

ويجب ألا ننسى العملية العسكرية التي قامت بها طائرات أميركية في منطقة البوكمال داخل الأراضي السورية على الحدود مع العراق العام الماضي وتم فيها تصفية عدد ممن قيل إنهم منتمون لـ«القاعدة»، ناهيك عن الغموض الذي اكتنف اغتيال محمود غول أغاسي، المعروف بلقب أبو القعقاع، والذي اغتيل في مسجد بحلب بعد صلاة الجمعة، وهو الذي قيل إنه كان يقف خلف تجنيد الشباب للقتال في العراق.

والكلمة الأخيرة هنا، وهي لكل من يهمه الأمر، أن نار الإرهاب دائما ما تحرق من يلعب بها، تدريبا، أو تحريضا، أو تسهيلا، أو حتى من يغض النظر.

[email protected]