العمالة المنزلية في الخليج

TT

في السعودية وبقية دول الخليج الملايين من العمالة المنزلية التي استقدمت من الخارج لتلبية احتياجات الأسر. وتشير بعض التقارير إلى أن أعداد العمالة المنزلية يتجاوز عدد السكان في بعض هذه الدول، ومن أهم عوامل انتشار العمالة المنزلية ـ بحسب إحدى الدراسات ـ خروج المرأة الخليجية للعمل، وتدني أجور الخادمات والسائقين، وسهولة استقدامهم. ولا تخلو العلاقة مع هذه العمالة من التوترات، التي تتسبب فيها العمالة أو الأسر، خاصة تلك الأسر ذات المستوى التعليمي المحدود، الأمر الذي أدى إلى ظهور بعض التقارير، التي تتهم الدول الخليجية بانتهاك حقوق العمالة المنزلية، والمطالبة بتحسين أوضاعها. وسواء راعت تلك التقارير الدقة، أم تجنت فإن الأمر يتطلب بذل الكثير من الجهد المقصود لتقديم النموذج الأمثل، الذي يليق بنا في التعامل، ومن حق هذه العمالة حسن معاملتهم، واحترام ثقافاتهم، وهذا لا يتحقق إلا بقدر كبير من التثقيف، والتوعية.

وفي بلد كلبنان، لم يتجاوز فيه حجم العمالة المنزلية المستقدمة من الخارج المائتي ألف عاملة، تصدر كتبٌ للأطفال للتوعية باحترام العاملات في المنازل، وتأتي هذه الكتب كجزء من حملة توعية وطنية لترويج احترام العمالة المنزلية، والتعريف بحقوقها، وبالواجبات تجاهها، واشتملت تلك الكتب على التعريف بالدول التي تنتمي إليها تلك العمالة، وحضاراتها، وثقافاتها، وآدابها، وفنونها، كما تشمل أساليب التعامل المرغوب فيها، وتعويد الصغار على شكر من يقوم بخدمته من العمالة المنزلية، وهي كتب أخال مجتمعنا الخليجي في حاجة ملحة لأمثالها، فالتعرف على الآخر يسهل التعامل معه.

وما زلت أتذكر رسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني قبل أعوام تقول إن السائق، أو العامل البنغلاديشي الذي يمر بجوارك بملابسه المتواضعة، ووجهه المسكون بالغربة ينتمي إلى مجتمع له إسهاماته الكبيرة في التقدم العالمي، ومن بين أفراده علماء، ومخترعون، وعباقرة، حصل بعضهم على جائزة نوبل، وتمنيت لو أن هذه الرسالة يطلع عليها كثيرون، فالمعرفة العميقة بمجتمع الآخر تسهل صداقته، وفهمه، والتعامل معه، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام، المرئية منها بصورة خاصة، إذ يمكنها أن تلعب دوراً أساسيا في تعريف العمالة المنزلية بطبيعة المجتمع الذي تعيش فيه، وكذلك تعريف المجتمع الخليجي بمجتمعات تلك العمالة، وثقافاتها، وتقاليدها، فما يراه البعض انتهاكاً قد يزول، أو يعالج بالفهم المتبادل بين الطرفين.

[email protected]