مادة في دستورك يا عمدة!

TT

انظر إلى العنكبوت إنه يفرز خيوطا. هذه الخيوط هي مصيدة للحشرات الأخرى. فلا تكاد الحشرة تقترب من هذا النسيج فيهتز وبسرعة ينقض عليها العنكبوت. هذه حياته وهذه هي الحيل التي زودته بها الطبيعة لكي يعيش. والعناكب أحجام وأشكال وألوان ولكل نوع نسيج له شكل وحجم.

والثعلب مثلا إذا أحس بالخطر ألقى بنفسه على الأرض ونفخ بطنه وأوقف قلبه وأطلق روائح كريهة تؤكد لمن يقترب منه أنه مات وصار جيفة. فإذا حاول الاقتراب قفز الثعلب هاربا.. والأسماك الصغيرة تعكر الماء حتى لا تراها الأسماك الكبيرة. والطيور تتظاهر بأنها سقطت. فإذا اقتربت منها قفزت في الهواء

والمعنى: أن الحيوانات عالمها محدود. وأنه كذلك منذ مئات ملايين السنين. فهي كائنات (مبرمجة)..والبرمجة هي الغريزة التي تطبقها كل الحيوانات والحشرات.

أما الإنسان فهو الحيوان الوحيد الذي يريد أن يكون أكبر وأقوى، وذلك عن طريق المعرفة. فالمعرفة سلاح قوي. والإنسان ليس في قوة الأسد ولكنه استطاع أن يخترع سلاحا أقوى من الأسد. والإنسان ليس في قوة الرياح والعواصف ولكنه اخترع البيوت التي تصد عنه هذا الهياج الطبيعي.

وكلما تقدم الإنسان في صناعة الأدوات، اتسع الكون وتعمقت معلوماته ـ ودانت له كل المصاعب في الأرض والبحر والفضاء. والإنسان هو الحيوان الوحيد القادر على تطوير أدوات الحياة والموت. وهو القادر على أن يخترع برامج تتغير من حين إلى حين. وعندنا في الريف إذا كان أحد ركب حمارا ومر على بيت العمدة ووجده جالسا فإنه يقول له: دستورك يا عمدة!

أي أستسمح دستورك بأن أظل على حماري دون أن أنزل عنه للسلام عليك.. أو ضع لي مادة في دستورك تقبل منى هذا العذر..

ويكون رد العمدة أو من هو في مقامه: دستورك معاك!

أي موافق على أن دستورك يسمح لي بقبول العذر..

فنحن دستورنا معنا.. والحيوانات والحشرات دستورها معها. والفرق بيننا أن دستورنا قابل للتغير المستمر. ولذلك كان الإنسان أكثر تفوقا لأنه أكثر طموحا. وأقدر على أن يغير برنامجه ودستوره كلما احتاج إلى ذلك!