هل نخاف موسوي زعيم إيران المقبل؟

TT

في الانتخابات التي ستتم في الشهر المقبل إما أن يبقى أحمدي نجاد أو أن يختار الإيرانيون حسين موسوي رئيسا لهم، وهو أمر لا يستبعد، لأسباب أبرزها تردي الأوضاع المعيشية، وكذلك ضيق الإيرانيين من التوتير السياسي الخارجي الذي طغى على فترة حكم نجاد. ولأن نجاد شخصية معروفة التفاصيل، يتميز بأنه مصمم على امتلاك السلاح النووي والهيمنة على دول المنطقة المجاورة، فإن موسوي بتصريحاته المعتدلة يبدو المخلص المأمول.

لست متأكدا من سلامة هذه النظرية بعد تجربتنا الفاشلة جدا في فترة الرئيس السابق محمد خاتمي. ففي عهده كنا في حماس حقيقي للانفتاح على إيران، والمطالبة بإلغاء العقوبات السياسية والاقتصادية، والتخلص من عقدة الشك الموجهة ضد الجمهورية الإسلامية. كتبنا الكثير عن إيران الجديدة المعتدلة ونهاية الحكم المتطرف في إيران. وكنا على حق في إيماننا بأن خاتمي زعيم إسلامي إيراني معتدل يستحق أن يعامل بإيجابية بناء على تصريحاته ورحلاته وبرامج حكومته. لكن كان هناك فريق على حق أيضا، متوجس غير مصدق أن إيران تغيرت هكذا فقط بوصول رئيس معتدل إلى السلطة. فالسلطة في طهران لا تحكم فعليا من قبل رئيس الجمهورية بل عبر مراكز قوى، أبرزها المرشد ولي الفقيه، الذي لا يتغير في انتخابات وكلمته هي الأخيرة، وهو عمليا الحاكم الفعلي للسياسات العليا.

بكل أسف اكتشفنا في نهاية رئاسة خاتمي أن إيران استغلت الوجه المتسامح لخاتمي لتسرع في بناء مفاعلاتها النووية ونشاطاتها العسكرية، ودخل نجاد الحلبة بعد أن قطعت بلاده شوطا خطيرا ليمارس سياسة هجومية على كل جبهات المنطقة، معلنا أن عصر القوة الإيرانية قد بدأ.

الذي نخشاه أن يكون موسوي خاتمي آخر لأنه يشبهه، يتحدث بنفس اللغة العقلانية والتصالحية. في مقابلته المنشورة أمس يوضح موسوي أنه مختلف عن نجاد، فلا ينكر المحرقة النازية لليهود بل يؤكد عليها، مستشهدا بهروب يهود بولنديين إلى إيران إبان تلك الفترة. ويعد موسوي أنه بتغيير السلطة في إيران ستتغير السياسة، ويعلن أنه لن يكون كنجاد بل سيركز على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن الإيراني.

لكن لا يهم من يفوز بالرئاسة، بل الأهم ما يقرره المرشد الأعلى ولا يتعارض مع تيار الحرس الثوري المتزايد نفوذه، أما البقية فمجرد ديكور رئاسي سواء أعيد انتخاب نجاد أو فاز موسوي. الاستثناء في حال فوز موسوي أن الخطر أكبر، لأن لغة الدبلوماسية الإيرانية ستكون وردية في حين يستمر العمل في تخصيب اليورانيوم وبناء القنبلة النووية، ويستمر الحرس الثوري في دعم القلاقل في ما لا يقل عن ست دول عربية.

فوز موسوي سيسهل تضييع الوقت بالمفاوضات كما حدث أيام خاتمي، أما فوز نجاد فسيقرأ دوليا بأنه إعلان حرب مقبلة، وأن الصدام العسكري مع إيران شبه محتوم، والمسألة قد لا تطول إلى ما وراء العام الحالي. حينها ستحظى مواجهة ومعاقبة إيران نجاد بتأييد عالمي، أما مواجهة إيران موسوي المعتدل فستكون صعبة.

[email protected]