لماذا الصدر في تركيا؟

TT

لا تزال الصورة غير واضحة حول أسباب ظهور مقتدى الصدر المفاجئ في تركيا بعد غياب دام قرابة العامين في إيران، وإن كان المعلن أن الصدر كان هناك لحضور مؤتمر «التيار الصدري والتحديات المعاصرة والواقع الطموح».

وما يبرر التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لزيارة الصدر إلى تركيا هو الحفاوة التي لقيها هناك حيث التقى الرئيس التركي، ورئيس الوزراء. وبعض المعنيين عربيا يرون أن تركيا تباشر الدور الذي تتوق إليه وهو تأكيد أن لها ثقلا ودورا، الأمر الذي يؤكده تعيين وزير خارجية تركيا الجديد داوود أوغلو صاحب نظرية «تصفير المشاكل».

و«الخوجا»، أو أوغلو هو عقل تركيا الحالية، والرجل الطامح لأن يكون لأنقرة نفوذ بالمنطقة، حيث يرى أن على بلاده التحرك في كل الملفات، من فلسطين إلى الصومال، ومن العراق إلى الحركات الإسلامية.

وقال لي مطّلع عربي: «لتركيا طموح، ودور، فهم قادرون على الوساطة، وهذا أمر يسعد الأميركيين، وسبق لهم أن توسطوا مع حماس، وبين الإخوان المسلمين السوريين ودمشق».

ويضيف مطّلع خليجي أنه «في حال تقاربت تركيا مع الحركات الدينية السياسية فهذا أمر غير مستغرب، فأنقرة تتحرك وفق جزء من تاريخها»، مضيفا: «دع أنقرة تحاول حلحلة بعض الملفات».

لكن المعلن، وما هو غير معلن، حول زيارة مقتدى الصدر لتركيا، يشي بأنه مختلف تماما عما يقال، فالصدر قادم إلى أنقرة من إيران بعد عامين من الإقامة فيها، وليس من بغداد، ولم يأت في زيارة سرية، بل معلنة وفيها كثير من الاحتفائية. كما أن ما أُعلن عن أسباب الزيارة من قِبل الصدريين متناقض مع ما يقوله الأتراك، ومتناقض تماما مع التحليل العربي.

واللافت ما قاله لي مسؤول خليجي حول زيارة الصدر لإسطنبول، إذ يقول: «لا أعلم شيئا عن زيارة الصدر لتركيا، كل ما أعلمه هو أن هناك نشاطا عراقيا كثيفا في الدوحة هذه الأيام، يشمل سُنّيين وآخرين»! فهل يجوز الربط هنا؟ وهل من تنسيق إيراني ـ تركي ـ قطري؟ وما علاقة واشنطن بذلك؟

الأمر الآخر أن الأسباب المعلنة لزيارة الصدر لتركيا هي حضور مؤتمر الهدف منه هو «النهوض بالواقع السياسي والإعلامي والثقافي والاجتماعي للتيار الصدري». لكن ما سمعته من مصدرين عربيين كبيرين مختلف تماما عما أعلنه الصدريون. فقد أبلغ الأتراك بعض المسؤولين العرب أن أنقرة قد قامت بدعوة السيد مقتدى الصدر إلى تركيا «من أجل تهدئة الأوضاع في المنطقة»، أي العراق. كما أن صحيفة «ياني سافاك» التركية نقلت عن مسؤولين أتراك قولهم إن الصدر أبلغهم «لم تدَعوا العراق يسقط ويتجزأ، ولذا سنقف معكم في قضية كركوك»!

ويأتي هذا التصريح في إسطنبول في الوقت الذي كانت تقصف فيه المروحيات الإيرانية قرى في كردستان العراق، وهو الأمر الذي دفع بمجلس النواب العراقي للتنديد بالغارات التركية ـ الإيرانية.

فهل نحن أمام وساطة، أم أمام ترتيب للأوضاع في العراق من قِبل الأتراك والإيرانيين قبل رحيل الأميركيين؟

[email protected]