اليمن.. ماذا لو مضت الفتنة إلى نهاياتها الفادحة؟!

TT

يعترف الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، وبعض أركان قيادته بأن هناك أخطاء، وأن ثمة ممارسات ينبغي تصحيحها، لكن في إطار وحدة اليمن، ويتسم هذا الرأي بقدر كبير من العقلانية، والواقعية، فاليمن الذي أحرق منذ نحو عقدين من الزمن مراكب الانفصال، ليس أمامه سوى الإصلاح في إطار وحدة اليمن، فإذا كان «الحراك الجنوبي» يستشعر ـ جدلا ـ غياب المساواة، أو اختلال المشاركة العادلة في الحياة السياسية، أو الاقتصادية، أو الوظيفية بين الشمال والجنوب، فمن حقه التعبير عن مطالبه، باشتراط أن لا يرتفع سقف هذه المطالب ليلامس الدعوة إلى الانفصال بين شطري اليمن، فالوحدة التي تحققت في 22 مايو 1990 ليست خيارا قابلا للتراجع عنه، خاصة أن أبناء اليمن دفعوا أثمان الحفاظ على هذه الوحدة غاليا خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 1994، وبالتالي فإن التلويح، أو الدعوة إلى الانفصال في مواجهة بعض الأخطاء وسيلة غير قابلة للتداول مهما كان حجم هذه الإشكاليات التي يستشعرها أبناء الجنوب، فلو استسلمت الدول لمثل هذه النزعات «المناطقية» في مواجهة ـ ما يفترض أنه ـ أخطاء المركز لولدت كل دولة عشرات الدويلات.

وفي عالم يتجه اليوم إلى توسيع دوائره، وتكتلاته الاقتصادية، والسياسية تصبح نغمات الانفصال نشازا، وخارج كل السياقات، فالعالم قد يلقي بالا إلى المطالب الإصلاحية، لكنه لن يذهب معها إلى تخوم غاياتها الانفصالية، وفي البيان الصحافي الذي أصدرته السفارة الأميركية بصنعاء، التي أعلنت فيه دعمها للوحدة اليمنية، ورفضها المساس بها، وتأكيدها على يمن واحد، مستقر، وقادر على ضمان المساواة بين المواطنين، وقادر أيضا على منح فرص مشاركة متساوية في الحياة السياسية والاقتصادية، يعكس سيادة هذا التوجه العالمي، الذي يستجيب للمطالب في إطار حتمية الوحدة.

والقوى المتصارعة في اليمن في حاجة إلى استشعار الأخطار المحدقة ببلادها، فالفتنة التي تطل برأسها اليوم لو قدر لها أن تمضي إلى نهاياتها الفادحة، فلن يكون هناك منتصر، وسيتقاسم الجميع الهزيمة والخيبة والمرارة، وسيكون اليمن باستقراره وأحلامه وتطلعاته هو الضحية.

المطلوب اليوم في اليمن أن تستشعر كل الأطراف مسؤولياتها تجاه إنقاذ اليمن من مصير مجهول يحذر منه العقلاء إذا لم يتم لجم الفتنة، وتغليب منطق العقل داخل البيت اليمني الواحد، ويحدوني التفاؤل بأن يفعل اليمنيون ذلك، فالحكمة رغم هول النقع تظل يمانية.

[email protected]