خالد مشعل.. و«ماما أميركا»

TT

برر زعيم حركة حماس خالد مشعل لصحافيي «النيويورك تايمز» موافقته على إجراء مقابلة صحافية معهم، امتدت خمس ساعات، وعلى مدى يومين، بالقول: «لتفهم حماس لا بد أن تستمع لرؤيتها مباشرة، فحماس تسعد عندما يريد الناس السماع مباشرة من قادتها، لا السماع عن الحركة عبر آخرين».

ما معنى هذا الكلام؟ من الواضح أن مشعل يريد أن يرسل رسالة لإدارة الرئيس باراك أوباما مفادها التالي: لا تستمعوا للآخرين عنا، ولا تتحدثوا معهم حولنا، بل تحدثوا إلينا مباشرة.

وكم هو غريب أمر «المناضلين»، و«المجاهدين»، و«القوميين»، وكذلك «الإسلاميين» في منطقتنا، ففي الصباح يهاجمون بني جلدتهم على أنهم عملاء خانعون لأميركا، وفي المساء، ويبدو لمراعاة فارق التوقيت، يريدون التحدث إلى أميركا.

إيران تريد التحدث مباشرة لواشنطن، ومثلها سورية، وكذلك حماس، وحركة الإخوان المسلمين في مصر وسورية، وحتى عزت الدوري القابع في مخبئه، إذا كان حيا، يريد التفاوض مع أميركا.

السبب هنا بسيط جدا، فكل تلك الحركات، والدول ذات الشعارات المزيفة، تريد أن تكون جزءاً من المجتمع الدولي، ولم تعد تحتمل العزلة، لأن الثمن بات باهظاً، لكنها لا تريد أن تجهر بذلك لأن الناس ستقول لهم: إذاً لماذا أضعتم ما أضعتم من دماء، ولماذا جلبتم علينا كل هذا الدمار؟

فهاهو خالد مشعل يقول لـ«النيويورك تايمز» إن حماس كانت تواقة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وإتمام صفقة الجندي الإسرائيلي المخطوف، وهذا عكس ما كان يقال للرأي العام حينها، من قبل حماس وعرب من جوقة تجار الدماء.

يومها كانوا يقولون دعوا الإسرائيليين يقتلون أكبر عدد من الأبرياء وسيضطرون لإيقاف اعتداءاتهم تحت الضغط الدولي، مثلما حدث في حرب 2006 بلبنان، وحينها تعلن حماس انتصارها، هذا نص ما قاله أحدهم بنيويورك يوم كان العرب يحاولون إصدار قرار أممي لوقف حرب غزة!

وهذا ليس كل شيء بالطبع، فخالد مشعل يقول للصحيفة الأميركية إن حماس أصدرت أوامرها بوقف إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، وإنها قادرة على ضبط ذلك ليس على أفرادها وحسب، وإنما حتى على الجماعات الأخرى.

وعن السبب في وقف إطلاق الصواريخ من غزة، أوضح مشعل أن حماس تقوم الآن بعملية مراجعة حيث إن إطلاق الصواريخ وسيلة وليس هدفا، والمهم هو خدمة الأهداف الفلسطينية!

يا سبحان الله.. ولماذا عندما كنا نقول إن تلك الصواريخ ما هي إلا تنك، وإنها تخدش واجهة منزل فترد إسرائيل بقتل المئات، وإنه لا يحق لحماس أن تعرض الأبرياء العزل للضرر بينما يحتمي قادتها تحت الأقبية، وبالمساجد، والمدارس، يقال عنا إننا مثبطون، وخونة، وعملاء؟

المؤسف أن خالد مشعل يتحدث اليوم بلغة العقل، بينما قتل من أهل غزة ما يقارب 1400 إنسان، وسقط ما لا يقل عن 5 آلاف من الجرحى، وما يقارب 1.9 مليار دولار خسائر اقتصادية.

كل هؤلاء الضحايا لم ينفعهم المتباكون، ولا التجار، فالكل مشغول اليوم بمسرحية «ماما أميركا».

[email protected]