ثلاثة في قارب واحد

TT

الشيطان يراقب ويترصد الإنسان أينما ذهب.

ويحلو للإنسان أن يلعب مع الشيطان بين الحين والآخر.

ورغم أنني لا أبرئ نفسي، فإنني أحاول بشتى الوسائل أن أتجنب مثل هذا اللعب المشبوه الذي لا تؤمَن عواقبه.

هذه مقدمة لا بد منها للدخول معكم في حادثة واقعية حصلت.

فهناك رجل متزوج بامرأتين، كل واحدة منهما في منزل مستقل، وهو يوزع نفسه ووقته بينهما بالتساوي، وللأسف فإحدى الزوجتين كانت مرتبطة بعلاقة مع عشيق لها، حيث إنه يأتيها بين الحين والآخر في الليلة التي يكون فيها زوجها في المنزل الآخر.

وفي يوم من أيام رمضان ظهرا، إذا جرس باب منزل تلك الزوجة يقرع، وعندما استفسرت إذا هو عشيقها، حاولت أن ترده، حيث إن الوقت غير ملائم، ولكنها لانت عندما أكد لها أنه لا يريد شيئا، فقط يريد أن يرتاح قليلا لأنه مرهق وتعبان، وسوف يخرج بعد ذلك.

فتحت له الباب، ودخل الصالون، وخلع ثوبه وتمدد على الكنبة الطويلة، وذهبت هي إلى داخل المنزل، وبعد نصف ساعة أطلت عليه ووجدته مستغرقا بالنوم، وتركته.

وانتظرت أكثر من ساعة أخرى، وعندما وجدت أنه أطال النوم، أتت لتوقظه، نادته بهدوء دون أن يرد عليها، ربتت على كتفه، ثم أخذت تهزه بعنف وتصيح عليه، ولكن لا حياة لمن تنادي، لقد مات، وأسقط في يديها، وأخذت الدنيا تدور بها غير مصدقة وكأنها في حلم مزعج، فكيف تتصرف وهذه الجثة ملقاة في صالونها؟! وبعد أن استجمعت قواها تيقنت أنها بين أمرين أحلاهما مر، فما كان منها إلا أن اتصلت بزوجها في عمله تطلب منه الحضور حالا، فقال لها إنه مشغول، واستغرب إلحاحها وعدم ذكرها للسبب، ولكنه في النهاية حضر، وأصيب بصدمة عنيفة عندما شاهد الرجل الممدد، فأخذت تحكي وتعترف له بكل ما حصل، وأن له أن يعاقبها ويقتص منها مثلما يريد، ولكن بعد أن يتخلصا من هذه الفضيحة لأنهما أصبحا في قارب واحد. حكم الرجل عقله وضبط أعصابه، وفتش في جيب الميت ووجد مفكرة تلفونات من ضمنها اسم ابن الميت، فاتصل به يعلمه أن والده عنده وهو يطلب حضوره على وجه السرعة، وأعطاه العنوان.

وعندما حضر الابن وشاهد أباه أخذ يبكي، غير أن الزوج قال له: «ليس هذا هو وقت البكاء»، وقص عليه كل ما حدث ومن ضمنه علاقة والده بزوجته، وختم كلامه قائلا: «كلنا الثلاثة الآن في قارب واحد وعلينا أن نوصله إلى بر الأمان، وهذا يتوقف عليك».

فقال الابن: «والله لولا أنني أخاف على والدتي المريضة أن تموت من شدة محبتها لوالدي لو عرفت هذه المصيبة، لكنت أخبرتها، ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله»، وطلب من الزوج أن يساعده في إدخال جثة والده في سيارته، وأجلسوه في الكرسي الأمامي وربطوه بحزام الأمان، وكلم الابن أمه من تلفونه المحمول قائلا لها: «إن والدي معي بالسيارة وقد أصيب بنوبة قلبية وأنا في طريقي إلى المستشفى، وادعي له».

وعندما وصل اتجه رأسا إلى قسم الطوارئ، وعندما كشف عليه الأطباء قالوا له: «إنه ميت قبل أكثر من ساعتين».

ترك الزوج زوجته، وتعمد السفر إلى أن انتهى رمضان والعيد، وبعدها عاد، وأول شيء فعله أنه طلقها كأن شيئا لم يكن.

وهذه هي نهاية اللعب مع الشيطان.

[email protected]