الكفيل

TT

وصفت نظام الكفيل الذي يطبق على العمالة المستقدمة من خارج البلاد ذات مقال بأنه وجع رأس لكل الأطراف: العامل، والكفيل، ووزارة العمل، وحقوق الإنسان، والمحاكم الشرعية، ومنظمة العمل الدولية، وغيرها، وتمنيت لو أن وزارة العمل السعودية تتبنى نظاما أكثر قبولا لكل الأطراف بعد أن ارتبط نظام الكفالة الحالي بالكثير من المشاعر السلبية في دواخل الكثيرين، وغدت أية محاولة لإصلاحه لا تكفي لتحسين سمعته، أو إزالة ما علق حوله من أفكار صحيحة أو مغلوطة في أذهان الكثيرين، إذ سينظر البعض لهذه المحاولات على أنها مجرد عمليات تجميل لا أكثر.

وتفرض مشروعات التنمية الكبيرة التي تشهدها البلاد استمرار الحاجة إلى الأيدي العاملة المدربة والخبيرة لفترة قد تمتد إلى سنوات طويلة، ومن المصلحة التعامل معها وفق نظام أكثر مرونة، وقبولا، وإرضاء لمختلف الأطراف، ولنا أن نختار من مائدة التجارب العالمية في هذا المجال ما يتوافق مع ظروفنا، فليس من الضرورة أن نخترع العجلة من جديد.

ولا أعتقد أن نظام الكفالة المطبق حاليا في السعودية، وبعض دول الخليج، هو الأمثل لخدمة اقتصاديات تلك الدول، بل لعله المتسبب الرئيس في التكدس الكمي للعمالة، وفي حالات الهروب، وتحول العمالة المستقدمة إلى عمالة سائبة، وغير نظامية، وما يترتب على ذلك من جرائم ومخالفات تمتلئ بأخبارها الصحف يوميا.

وحسنا فعلت البحرين، وهي تعلن بالأمس رسميا إلغاء نظام الكفيل، والسماح للعمالة الوافدة التي تقدر بنصف عدد السكان، بالانتقال من صاحب عمل إلى آخر وفق ضوابط تضمن حقوق أصحاب الأعمال والعمال في آن واحد، ويتوقع المسؤولون هناك أن يحدث هذا القرار تطويرا شاملا لبيئة العمل، والتخلص من العمالة غير النظامية، كما يذهب البعض إلى القول بأن ارتفاع الأجور يمثل خطوة جاذبة لتوطين الوظائف، وتخفيض نسب البطالة.

وفي كل الأحوال نحن في حاجة إلى نظام يعكس أخلاقياتنا وقيمنا بصورة أكثر تعبيرا من النظام الحالي، نظام يجعل العامل المقيم، أو المغادر لهذه البلاد بعد انتهاء خدمته، يحمل الصورة الإيجابية التي نستحقها، تلك الصورة التي لا يمكن أن تشوهها أخطاء كفيل أو آخر. فهل نفعل؟

[email protected]