الخيل العربي.. هدية من الصحراء

TT

دخلت الخيل إلى مصر في نهايات عصر الدولة الوسطى، أي حوالي 1780 قبل الميلاد، وارتبط دخولها بوصول جماعات من البادية عرفهم المصريون القدماء باسم الهكسوس، أي حكام الصحراء. وسرعان ما أحب المصريون الخيل، وبدأوا في اقتناء أحسن سلالاتها من منطقة شبه الجزيرة العربية. وكانت أجمل الهدايا التي تأتي إلى فرعون مصر هي التي تضم فرسا جميلا صوره الفنان المصري على جدران المقابر والمعابد الفرعونية، بعدما أصبحت الخيول سلاح حرب استخدمه الفراعنة في حروبهم، يقود عجلاتهم الحربية الشهيرة، أو يمتطيه الفرسان، وتفننوا في تزيين هذه الخيول، وفي عمل سروجها وأغطيتها التي زُينت بالذهب والفضة. ومن أجمل ما تم الكشف عنه في مقبرة الملك «توت عنخ آمون» هو غطاء الفرس الخاص به، وكان مصنوعا من الجلد المذهب والملون، وصورت عليه مناظر بديعة للفرعون نفسه. وأصبحت في مصر منذ عصور الفراعنة أجمل وأغلى السلالات من الخيول التي حافظوا عليها طيلة قرون عديدة، حتى الفتح الإسلامي لمصر، عندما جلب العرب معهم خيولهم النقية السلالة، وبدأت في التزاوج مع السلالة المصرية. وفي بداية القرن التاسع عشر اشترى محمد على باشا صاحب نهضة مصر الحديثة عددا من أغلى السلالات العربية من شبه الجزيرة، وصارت تربية الخيول فنا يتبارى الأمراء فيه، ومن أشهرهم الأمير محمد على توفيق باشا صاحب القصر والمتحف الجميل بالمنيل، وكذلك الأمير كمال الدين حسين.

لقد كنت في غاية السعادة بحديث أخي وصديقي السفير أحمد القطان سفير المملكة العربية السعودية بالجامعة العربية، الذي أخبرني بقيام الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم بالترتيب بالمملكة العربية السعودية لإقامة أكبر معرض عن الخيول العربية بالولايات المتحدة الأمريكية. ومن خلال قطع المعرض الفنية من لوحات وآثار ترتبط بالخيول العربية، يحكي قصة وتاريخ الخيل التي كانت، ولا تزال، صديق العربي في البادية والحاضرة، وكيف أننا يمكن ـ من خلال ذلك المعرض ـ أن نطلع الغرب عن قصة كفاح العرب، وكيف صالوا وجالوا في مجالات الحضارة وهم على صهوة جيادهم، التي من كثرة ميادين اللقاء أصبحت لا ترهب منظر السيوف، ولا تخيفها أصوات النزال.

لقد أعجبتني بالطبع فكرة المعرض، لأنني مؤمن بأن ثقافتنا وهويتنا العربية يمكن أن تؤثر على القرار الأمريكي الذي لا يصدر فقط من واشنطن العاصمة، بل يتشكل من السياسة الشعبية ونبض المدن الأمريكية. والمهم أن تكون لإقامة المعرض أهداف يتم على أساسها بناء سيناريو العرض، وهو بالفعل ما وضعه الأمير فيصل، بوصفه راعٍيا للمعرض، واستطاع التوصل إلى اتفاق مع متحف الخيل العالمي بمدينة لاكسنجتون بولاية كنتاكي لإقامة معرض الخيل العربي بعنوان «هدية من الصحراء.. تاريخ وفن وثقافة الخيل العربي». والمعرض يقام في الفترة من 29 مايو، حتى 15 أكتوبر عام 2010م، وبإشراف الاتحاد السعودي للفروسية. أتمنى أن يقوم الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود بإتاحة الفرصة أمام هذا المعرض، لكي ينتقل إلى كل بلاد العالم، ليعرض في أكبر متاحفها تعريفا بأحد فنون الحضارة العربية..

www.drhawass.com