أعراس أصحاب الفخامة

TT

كان هناك زمن لم يعد هناك. في ذلك الزمن، كانت القضية أن يحوَّل الرئيس فرنسا إلى بلد صناعي أو لا. وأن يجمع رئيس وزراء إيطاليا بين الأحزاب المتصارعة أو يبقى البلد ممزقا. وأهم ما حدث في فرنسا وإيطاليا خلال العامين الماضيين، طلاق وزواج فخامة الرئيس، وطلاق وصداقات وزرع شعر دولة رئيس الوزراء.

لا اعتراض على الزواج والطلاق وخصوصا على زرع الشعر. جميعنا بشر، في أعلى السلطة وفي دائرة النظافة البلدية. الاعتراض هو أن التصابي مسألة شخصية، حميمية، وخاصة، وليست قضية وطنية. والاعتراض الآخر هو أن السنيور بيرلسكوني، برغم ملياراته، ذهب إلى مستوصف متخلف لزرع الشعر. المرة المقبلة عليك بالفرنسيين.

رئيس الدولة ليس نجما سينمائيا اعتادت الناس أن تراه طالقا أو خالعا في نهاية كل فيلم. وقد يقال: وماذا عن عشيقات نابوليون؟ وماذا عن انتحار إيفا براون مع هتلر؟ وماذا عن مخادع لويس الرابع عشر؟ ما الجديد في الأمر؟ الجديد هو العصر الإعلامي. غراميات نابوليون لم تكن في الصحف والإذاعات والتلفزيونات. ثم إن المسيو ساركوزي ليس نابوليون إلا من حيث القامة. لا أعرف. ربما حجتي ضعيفة وأنا مَن هو خارج العصر، وليس زعيمي أكبر بلدين على المتوسط. وعندما اعترض الفرنسيون على مسلك رئيسهم، هالهم أنه يكثر من استخدام يخوت أصدقائه ولم يروا غضاضة في نشر صور قديمة لعروسه وهي في ثياب الجنة قبل الإغواء الأول.

ويذكّرني ذلك بحكاية الرجل الذي ذهب إلى الطبيب يشكو خيانات زوجته. وقال بانفعال إنه كلما عاد إلى البيت وجد الزوجة في وضع مريب فلا يجد طريقة لتهدئة خاطره سوى شرب القهوة. واستغرب الطبيب أن يُستشار في أمر من هذا النوع، فقال للزوج: ولكن بماذا أستطيع كطبيب أن أفيدك؟ فأجاب هذا: «ولو؟ تستطيع أن تقول لي إن كانت كثرة القهوة تضر أم لا».

الحقيقة أن المسيو ساركوزي ليس أول رئيس يطلّق فور الفوز بالسلطة. هكذا فعل كارلوس منعم، رئيس الأرجنتين، وهكذا فعل فاتسلاف هافيل رئيس تشيكيا. كلاهما تخلى عن رفيقة الصبا المعذب إلى رفيقة التصابي العذب. الزواج الأول كمناضلَين في سبيل الطبقة العمالية الكادحة، والزواج الثاني كصاحبَي فخامة، وليذهب الكادحون إلى.. ورش البناء. وليس من عادة الزعماء العرب أن يقيموا أعراسهم في احتفال، إلا الرئيس عمر البشير الذي تزوج أرملة وزير دفاعه، البالغة 26 عاما، في عرس وطني كبير.