الشيخة في العراق!

TT

لا يمكن وصف صورة الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم أمير قطر في العراق جنبا إلى جنب مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلا بالصورة اللافتة التي من الصعب تجاوزها من دون تعليق وتحليل.

السبب المعلن للزيارة أنها تأتي في إطار الالتزام بدعم قضايا الحق العام بالتعليم، وأنها تنفيذ لتوصيات مؤتمر اليونسكو الأخير في باريس بشأن حماية النظم التعليمية في وضعية الأزمات من خلال الحالة العراقية.

وبالطبع فإن العنوان المعلن للزيارة يستحق التشجيع، إلا أن وكيل وزارة الخارجية العراقية محمد الشيخ يقول لصحيفتنا «حتما أن لزيارة الشيخة موزة أبعادا سياسية»، خصوصا وقد رشح قبل أيام أن هناك حراكا عراقيا مكثفا بالدوحة، فهل ذلك من محض الصدفة، أم أن هناك أمورا تطبخ على نار هادئة بقطر.

وهذا ليس كل شيء، فلا بد أن نتأمل هنا أيضا كلمة الشيخة موزة المسند قبل أيام في قطر بمناسبة حفل جائزة اليونسكو لحرية الصحافة 2009، خصوصا أن التصريحات والتحركات كلها جاءت في بحر أسبوع واحد تقريبا. فبحسب صحيفة «الراية» القطرية قالت الشيخة موزة «إنه هنا يبرز دور الإعلام المسؤول والمهني وكذلك التعليم الجيد في التقريب بين المواقف وجسر الهوة بين الأطراف، وهذا في اعتقادي هو السبيل إلى تحقيق مطلب التصالح بين الشعوب والثقافات». وأضافت أن ذلك التصالح يجب ألا يكون موقفا تكتيكيا، بل من الضروري أن يكون وليد رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق العيش المشترك، وتدعو ـ وهذا الأهم ـ إلى أن «نطوي صفحة الماضي ونتطلع إلى بناء المستقبل المنشود».

بالطبع سيقول قائل إن هذا حديث عام، ومتكرر، لكن أن تأتي تلك العبارة من الدوحة تحديدا، عن دور الإعلام الذي يقارب ولا يباعد، ويجسر ولا يعمق الهوة، وإن كل ذلك يجب ألا يكون تكتيكيا، فهو أمر يشي بتحولات كبرى، خصوصا أن جل مشاكل الدول العربية مع قطر تتلخص حول المماحكات الإعلامية، لا الحرية الإعلامية، وهنالك فارق كبير بين المماحكات والتصيد، وبين الحرية الإعلامية المسؤولة بالطبع. فمصر مثلا لديها من الحرية الإعلامية داخليا أكثر مما هو متاح في قطر، بل إن صحف المعارضة المصرية لا تتوانى عن انتقاد الرئيس المصري نفسه، وبالتالي فإن مصر، أو كثيرا من الدول العربية، ليست بحاجة لمن يزايد عليها إعلاميا من الخارج.

والسؤال هنا في أي الاتجاهات ستكون التحولات القطرية، وما الذي ستنتج عنه زيارة الشيخة موزة إلى بغداد؟ فإذا كانت المسألة هي سعيا لعلاقات قطرية ـ عراقية جيدة وطبيعية تصب في مصلحة البلدين وفي مصلحة العرب عموما، فهذا أمر يستحق الترحيب به. أما إذا كنا أمام اصطفاف جديد ما هو إلا استكمال لاصطفافات قديمة ما تزال تعصف بنا على خارطة الأزمات السياسية العربية دعما لطرف على حساب آخر، فهنا نقول أعاننا الله على قادم الأيام.

[email protected]