فحص عاكف!

TT

التصريحات الأخيرة والمثيرة التي أطلقها المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف في مؤتمر عقدته الكتلة النيابية للإخوان المسلمين تحت عنوان «القدس والأقصى ومخاطر التهويد»، أمر لا يصدق على الإطلاق. فقد تجاوز الرجل المنطق، والمعقول، سواء على المستوى الوطني أو السياسي، وحتى الكياسة.

يقول «المرشد» إنه «كان الواجب على مصر أن تشكر حزب الله بدلا من أن تحقق مع الخلية» التي ألقي القبض عليها في مصر، واعترف بها حسن نصر الله. ويضيف أن حسن نصر الله لم يقصد من إرسال تلك الخلية «التخريب أو الاعتداء وإنما دعم المقاومة الفلسطينية، وما يقوم به حسن نصر الله من مقاومة لا تستطيع مصر فعله، وقد قصرنا نحن في القيام به».

هل يعقل أن يصدر مثل هذا الكلام من مواطن مصري، ناهيك عن مرشد الإخوان، خصوصا بعد تصريحات خالد مشعل الأخيرة لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية التي أظهرت مدى الاستخفاف بحياة الأبرياء في غزة؟

وهل يعقل أن يقول عاكف ما قاله بحق بلاده التي ينتمي لها، خصوصا أن مصر قد خاضت حروبا من أجل فلسطين، سالت فيها الدماء المصرية، وتعرض فيها اقتصاد البلاد كله لما تعرض له؟

فهل هذا حديث رجل واع يدرك ما يقوله؟ وهنا لا بد أن نقول إنه كم هو محير وضعنا نحن العرب حيث يضطر المرء لتذكير مواطن بقيمة بلاده وما فعلته، وما تستحقه وما لا تستحق أن تواجهه من مصائب!

ولم يقف عاكف عند حد ذلك الضياع السياسي والفكري، بل اعتدى من دون وجه حق على كل الأنظمة العربية عندما وصفها بأنها «صهيونية أكثر من الصهاينة»، تلك الأنظمة التي حمت لبنان من عبث نصر الله وتكفلت بفاتورة بنائه، والتي تكفلت بفاتورة غزة على حساب قوتها وأموال أجيالها، بينما لم يقدم المال الإيراني «الطاهر» إلا الدمار والخراب.

فهل الأنظمة العربية التي لا تقبل التدخل بشؤونها، وترفض المحتل الإيراني الذي يعبث بأمننا سياسيا وعقائديا، تصبح خائنة، بينما يعتبر رجل مثل عاكف يرى أنه لا ضير في استباحة دولنا وتقزيم أنظمتنا، وطنيا ومخلصا؟ أمر لا يستقيم أبدا!

وهل يعقل أن يصف عاكف الرئيس الراحل أنور السادات بالخائن لأنه حارب وسالم واسترد أرضه المحتلة، فهل من يستعيد أرضه خائن؟ فإذا كان استرداد الأرض المحتلة خيانة، فما هي البطولة وما هو الشرف؟

ولذا فإنه من الواضح أن النقاش مع مرشد الإخوان قد تجاوز المنطق، ولم تعد المسألة في إطار فكر مقابل فكر، بل انطبق على عاكف قول شوقي رحمه الله:

وإذا أتى الإرشاد من سبب الهوى

ومن الغرور فسمه التضليلا

فما صدر عن مرشد الإخوان بات أمرا يستوجب إعادة النظر ليس في تصريحاته بل في درجة وعيه، وعليه فقد آن الأوان أن يتم فحص عاكف، حماية له ولمن حوله، وللأجيال التي تعتقد أنه قائد رأي وصاحب فكر.

[email protected]