عندما يقول الطفل: الذئب!

TT

عجيب أمر الشعراء. أستاذنا العقاد يقول: إن الأعمى ممكن جدا أن يكون شاعرا. وصعب أن يكون ناقدا أو ناثرا لأنه يحتاج إلى خيال ليقول شعرا ويحتاج لأن يرى ليقول نثرا..

ومن الأشياء الغريبة في زماننا عندما كان طه حسين وزيرا للتعليم أنهم كانوا يدعونه ليفتتح المعارض الفنية. وكان يعلم أنها مسألة شكلية فقط..لأنه وزير.. وكان يرضى..

وكان طه حسين أديبا بليغا جميل العبارة بديع التصوير ـ إنه استثناء في القاعدة التي وضعها الأستاذ العقاد.

وهناك شعراء كثيرون لا يحصرون.. الشاعر الإغريقي هوميروس وأبو العلاء والأعشى والأديب الإيطالي بايني.

ويقال إن هوميروس ليس الذي نظم كل ما نسب إليه. وإنما أكثر شعره من الفلكلور الشعبي.

وكان الشاعر الإغريقي هزيود فلاحا يفلح الأرض ويحرثها ويرويها وإذا اتسع وقته قال شعرا..

والتجربة الغرامية العنيفة ليست ضرورية للشاعر. إنه يتخيل ويتوهم ويبنى قصورا طوبة ذهب وطوبة فضة سكنا للحبيبة. وليس من الضروري أن تكون هناك حبيبة..فالشاعر الإيطالي دانتي كان يحب الفتاة بياترتيشه والتي يكبرها بسنة واحدة. وقال وصال وجال. وأخذها معه في ملحمة (الكوميديا الإلهية).. والحقيقة أن الشاعر رآها في حياته كلها مرتين. مرة وهما طفلان صغيران. ومرة عندما كبرت وتزوجت. وبس. ثم أقام الدنيا هياما وأقعدها حزنا عليها..

والشاعر الإيطالي بتراركه أحب فتاة اسمها لورا. وقال وأبكانا عليها وعليه. وأصبحت لورا أكثر الأسماء انتشارا في أوروبا رمزا للعذاب في الحب ـ عذاب المحبين وليس عذابها!

والشاعر الألماني نوفالس أحب فتاة اسمها صوفيا. وكان إذا جلس إليها قال: فلنغمض عيوننا لنرى أجمل وأروع!

وفى وصف الفن قال تولستوي: الفن نوع من العدوى تنتقل من الفنان إليك.. وضرب مثلا بليغا قال: لو أن طفلا صرخ: الحقوني الذئب! فجاء أبواه. وأنقذاه من الذئب. فليس هذا فنا. وإنما الفن أن يصرخ الطفل ويقول: الذئب.. الحقونى.. ولم يكن هناك ذئب. وإنما هو استطاع بالصراخ والبكاء أن يوهم والديه ـ هذا هو الفن!